المهرجان القومى والكاتب المسرحى المصرى!!
حين دخلت المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية لحضور حفل افتتاح المهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته الحادية عشرة، وبحضور الفنانة الكبيرة الدكتورة إيناس عبدالدايم وزير الثقافة، تذكرت أننى كنت من الذين حزنوا كثيرا العام السابق لحجب جائزة التأليف المسرحى للشباب ولكبار الكتاب المسرحيين فى الدورة العاشرة، والغريب أن أحد العروض قد حصل على عدد كبير من الجوائز عدا التأليف، فدار فى رؤوس الجميع السؤال البديهي، كيف يفوز عمل بكل تلك الجوائز دون أن يفوز بالتأليف ؟ ألم يوحى النص بكل هذا التميز؟!.
بالطبع للجنة الموقرة مبرراتها المنطقية التى كانت تراها العام السابق والتى اختلفت معها، وأتذكر أننى تحدثت مع الكاتب الكبير حلمى النمنم وزير الثقافة السابق حول ذلك الحجب المشين الذى استمر لمدة عامين بحجة أن الكتابة المسرحية منطقة عظمى لا يجب أن يصعد إليها إلا من كان فى قامة السابقين كما قالت الممثلة القديرة سهير المرشدى – وقتها - على خشبة المسرح وأكدت عليه الفنانة فردوس عبد الحميد، وكأن النساء فى مصر قد عقمن أن تلدن كتابا مسرحيين بعد تلك القامات، والحقيقة على خلاف ذلك تماما، وعبرت عن هذا الحزن أيضا فى مقال كتبته لجريدة «روزاليوسف» ونشر وقتها، وتضخمت الفكرة فى رأسى وتحولت لورقة بحثية قدمتها للهيئة العربية للمسرح العام السابق تحت عنوان «الكاتب المسرحى، ينزع الملك ممن يشاء، مصر نموذجا « ورشحت بعدها لرئاسة جلسة مهمة فى المحور الفكرى حول الكاتب المسرحى فى تونس.
سعدت جدا حين تواصلت مع الصديق الدكتور حسن عطية رئيس المهرجان وقتها، وتحدثنا حول أهمية أن يتم الاهتمام بالكاتب المسرحى المصرى وأن يكون هذا العام احتفالا به، ويجب ألا يتم تنفيذ أعمال مسرحية إلا للكتاب المصريين هذا العام فقط، مع كل التقدير والاحترام للكتاب العرب والعالميين، ورغم يقينى أن القطاعات لن تستجيب لذلك لأن كل مخرج ببساطة سوف يفرض ذوقه فى النهاية وسيزايد على المكان وسيتمسك بعمله الأجنبى الذى يتوهم أن بداية رحلة النجاح والشهرة والجوائز، وسوف يدعى أن البيت الفنى للمسرح، والفنون الشعبية والاستعراضية، والهناجر، والهيئة العامة لقصور الثقافة قد حرمته من تنفيذ رؤيته العبقرية، ومن ثم على هذه الجهات أن تتحمل مغبة منعه من تحقيق أحلامه!!!.
لن أطلب من صديقى الناقد الكبير حسن عطية ما لا يطيق، ولكنى سأشكره على تصدير الدورة الجديدة باسم الكاتب الكبير محمود دياب، وتكريم الكاتب الكبير محمد أبوالعلا السلامونى، ولكن علينا أن نؤكد على عدد من الأمور يجب أن نقف فيها جميعا لصالح الكاتب المسرحى ومنها؛
أولا: زيادة عدد المسابقات الخاصة بالتأليف المسرحى على مستوى مصر وتشجيع عودة البعض منها وخاصة الذى توقف أو أختفى مثل محمد تيمور للإبداع المسرحى، وهى المسابقة التى كانت تشرف عليها ثلاث جهات ؛الهناجر برئاسة د هدى وصفى والهيئة العامة للكتاب برئاسة د. سمير سرحان ورشيدة تيمور حفيدة محمد تيمور، وقد أفرزت تلك المسابقة عددا من الكتاب المهمين فى الكتابة المسرحية فى مصر والعالم العربى منذ التسعينيات واستمرت لتسع عشرة دورة وطبعت ما يزيد عن خمسين عملا مسرحيا، وكذلك مسابقة توفيق الحكيم من المركز القومى للمسرح ومسابقة النصوص المسرحية من هيئة قصور الثقافة ومسابقة التأليف المسرحى للشباب من المجلس الأعلى للثقافة.
ثانيا: التعاون بين الجهات فى تنفيذ النصوص المسرحية التى فازت بتلك الجوائز كما كانت يفعل مسرح الهناجر مع جوائز تيمور، والبيت الفنى مع جائزة التأليف المسرحى من المجلس الأعلى للثقافة وقصور الثقافة مع بعض النصوص الفائزة فى مسابقاتها المتنوعة.
ثالثا: نشر النصوص المسرحية الجيدة من خلال سلاسل نصوص مسرحية بقصور الثقافة والمسرح بالهيئة العامة للكتاب، ودليل النصوص بقصور الثقافة والأعمال الفائزة فى المجلس الأعلى للثقافة مثل جائزة محفوظ عبد الرحمن التى أعلنت مؤخرا والمركز القومى للمسرح.
وأخيرا شكرا للمهرجان القومى للمسرح على تكريم محمود دياب ومحمد أبوالعلا السلامونى، ونرجوألا تحجب اللجنة هذا العام جوائز التأليف المسرحى مثل العامين السابقين، فنضطر ساعاتها أن نعلن – رسميا- وفاة الكاتب المسرحى المصرى، لكى يرتاحوا منهم وعيهم أن يبحثوا عن فن آخر يكتبونه، فالرواية تكسب الآن!!.






