حكاية كل يوم
عندما تحدثت إلى الأخ العزيز الأستاذ أحمد باشا حول فكرة المقالات المتخصصة فى مجال المعلومات والمستقبل.. تخوفت بشدة تصل إلى درجة الانزعاج من فكرة المقال اليومى.. استدعيت معاناة كبار الكتاب المتخصصين فى محاولة إيجاد الفكرة.. الفكرة المطلوبة.. الجديدة..المختلفة.. تلك الفكرة التى تبقى للمقال بريقا وشذى لا ينقطع.. تذكرت الكاتب الكبير أحمد رجب وكيفية مطاردة رئيس التحرير له لكى يقوم بإرسال المقال اليومى. تذكرت أيضا معاناة بعض الكتاب طيلة النهار.. وأحيانا الاستيقاظ فى منتصف الليل لأن الفكرة جاءتهم.. يقومون بكتابة ملامح الفكرة على أى ورقة أمامهم..الانشغال الدائم أعطانى الإحساس باستحالة القيام بكتابة مقال يومى خاصة أن المجال محدود وليس متسعا مثل الأستاذ أنيس منصور مثلا. فكرت فى بعض الأساليب التى ألمسها يوميا فى بعض مما اقرأ.. من الإطالة فى الفكرة والوصف والسرد والمحسنات البديعية والاستعارات المكنية.. إلخ.. أو أن أكرر الفكرة كل عدة مقالات بأسلوب آخر أو بعمق أكثر أو أقل من المقال الأول.. ثم فى النهاية قررت أن أكتب حتى ينضب المعين بلا إطالة أو تكرار أو محاولة استجلاب الفكرة بالقوة.. وليكن التوقف الطبيعى خير من الاستمرار المفتعل.. كل هذه التخوفات وغيرها أخذتها فى الاعتبار. ثم استمعت إلى النصيحة وقررت أن اعمل بها.. أن أبدأ.. ثم ستدور العجلة..وهذا ما حدث بالضبط.. دارت العجلة ووجدت سلاسة فى الأفكار وأهمية لما يطرح.. احصل على رد الفعل إلكترونيا وإنسانيا من الدوائر القريبة والبعيدة عنى بسرعة وصدق. عدت إلى بعض الإحصائيات عن متوسط عدد السعات التى يتم قضاؤها على شبكة الإنترنت وبالأخص على شبكات التواصل الاجتماعى ومواقع التسلية المختلفة..ووجدت أن الأرقام تتفاوت.. بين المراهقين الذين قد يصل عدد الساعات يوميا إلى 9 ساعات.. أكثر من ثلث عمرهم.. إلى من يقضى ساعة أوساعتين يوميا.. لا أريد أن يكون الحديث حول الإحصائيات لعدة أسباب منها أن الإحصائيات فى المنطقة العربية ليست بالدقة الكافية ولكن الانغماس فى مواقع التواصل الاجتماعى شىء لا تخطئه العين.. الجميع يمشى مكبا رأسه على تلك الشاشة.. ثروة كبيرة ستدخل إلى جيوب أطباء العظام خاصة تخصصات العمود الفقرى.. التفاعل اليومى المستمر على مدار الساعة مع ما يتم بثه على تلك المواقع مرهق جدا.. إن تم تقنين الدخول والتفاعل ستجد لديك وقتا ومجهودا كافيين لكتابة عدة مقالات يوميا.. قد تجد وقتا لعمل دراسات عليا.. أو لابتكار فكرة جديدة فى عملك.. أو وقتا أفضل مع أسرتك.. فقرات عنق أفضل وحالة نفسية بديعة.. لست أدعوا إلى تركها تماما.. ولكن التقنين مطلوب.. فى كل شىء.. وللحديث بقية.