عصام عبد الجواد
زمن البلوجر
منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر تلقيت دعوة لحضور حفل خاص بإحدى المحافظات الساحلية أنا وعدد من أصدقائى وبعد دخولنا القاعة قبل وصول المطرب الشهير بنصف ساعة وجدنا ازدحامًا شديدًا وكل من فى القاعة وقف على قدميه والبعض اتجه إلى المدخل الذى تدخل منه شخصية مهمة، ظننت من الوهلة الأولى أنه المطرب الشهير الذى سوفى يحيى الحفل لكن التزاحم على هذه الشخصية كان يفوق الحدود حتى أن هناك شخصيات مهمة كانت حاضرة وشخصيات إعلامية وصحفية قاموا من مكانهم واتجهوا نحو المدخل لاستقبال هذه الشخصية التى صفقوا لها بحرارة شديدة جدا والبعض بدأ يهتف لها ويقدمها على أنها من أهم شخصيات المجتمع المصرى لكننى لم أكن أعرف هذه الشخصية ولم أشاهدها من قبل وظننت أنها قد تكون شخصية فنية أجنبية أو أنها حفيدة أحد أبطال حرب أكتوبر مثلًا خاصة أنها فى محافظة ساحلية تهتم بالأبطال الذين ضحوا من أجل مصر، لكن المفاجأة عندما سألت عنها أحد الجالسين بجوارى والذى اعتبر سؤالى غريبًا لأننى لا أعرف من تكون هذه الفتاة التى تبين أنها البلوجر شهيرة تظهر على التيك توك وعلى صفحات السوشيال ميديا وأن لها متابعين على صفحتها تعدوا الملايين وعندما سألت ماذا تقدم من محتوى أجابوا بأنها تتناقش فى كل شىء بدءًا من المشاكل الأسرية وما أدراك ما المشاكل الأسرية وانتهاء ببرامج الطبخ والأزياء وغيرها من الأشياء التافهة التى أصبح يهتم بها المجتمع.. وقتها انتابنى شعور بالصدمة لما يفعله المجتمع المصرى فى نفسه فهو يقدم الشخصيات التافهة التى لا تفيد المجتمع على العلماء والمثقفين والفنانين الحقيقيين والأدباء وغيرهم من كانوا نجوم المجتمع خاصة عندما سألت عن مؤهل هذه البلوجر فتبين أنها حاصلة على الإعدادية ولم يكن لها حظ من التعليم.
هؤلاء فجأة أصبحوا نجوم المجتمع وأصبحوا يقدمون محتوى منحطًا يشوه صورة مصر فى الداخل والخارج ويخربون عقول الشباب، ويدمرون مستقبل أولادنا وبناتنا بما يقدمونه من فجر وفجور لا حدود له ولا سقف عندهم فيما يفعلونه وينشرونه، ويجب بترهم فورًا من المجتمع .. مصر بلد للعلم والعلماء، بلد نجيب محفوظ وأنيس منصور ويوسف إدريس وطه حسين وتوفيق الحكيم وصلاح جاهين، مصر بلد جمال حمدان وسليم حسن ومجدى يعقوب ونجيب الريحانى ومحمود مرسى وعبدالمنعم مدبولى وعائشة عبدالرحمن وسميحة أيوب وسناء جميل وحسن شحاتة ومحمود الخطيب وطه إسماعيل ومحمود الجوهرى وغيرهم من العظماء الذين قدموا لأنفسهم ولبلدهم ولوطنهم الكثير، مصر هى التى علمت المنطقة العربية بل والعالم أجمع جميع الفنون والأداب مصر التى كانت سلة غلال العالم وقت أن ظهر القحط فى كل أركان الأرض فكانت مصر حاضرة بأن أطعمت الجائع والفقير.
على هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم البلوجرز أن يتواروا خجلًا مما يفعلونه فى أنفسهم أولًا وفى وطنهم ثانيًا وفى أجيال المستقبل ثالثًا من أجل المكسب السريع.
وأنا هنا لا أقصد فقط حلقة برنامج ياسمين الخطيب والمدعوة غادة عبدالرازق بل أقصد كل من يظهر فى هذه البرامج ولا يقدم غير الانحطاط وهو يعلم أنه لا يقدم شيئًا ينفع المجتمع وكل ما يقدمه هو من أجل المال الحرام.
وعلى أجهزة الدولة وكل المسئولين وغير المسئولين التصدى لهذه الظاهرة المقيتة التى تعمل على خراب ودمار الأجيال القادمة.
حفظ الله مصر وحفظ شعبها وقيادتها.