مليم أحمر
استيقظت صباح اليوم فوجدت صورة على هاتفى يبدو أن أحد الأصدقاء قد بعثها من خلال تطبيق الواتس آب...الصورة لمليم أحمر...عليه صورة الملك فاروق...والمليم لمن لا يعرف هوعملة قديمة اندثرت فى السبعينيات من القرن الماضى....القرش عبارة عن عشرة مليمات.....أى أن الجنيه يحتوى على ألف مليم...
الصورة كانت ضمن مجموعة من الصور لمصر القديمة...تحت شعار الزمن الجميل...حتى هذه اللحظة لا تبدو ثمة مشكلة...فالحنين إلى الماضي جزء من الطبيعة البشرية...بالرغم مما قد يحتويه الماضي من أهوال أومآس..ربما لأنه قد مضى ومر فلا نستطيع أن نستشعر مدى صعوبته أحيانًا ونظل نشعر بالحنين إليه...
الشىء المثير للدهشة هو ما تم كتابته أسفل الصورة..بأن المليم فى هذا الوقت كان يساوى خمسة عشر دولارًا!...بالطبع هذا معناه أن الجنيه المصرى كان يساوى ألفًا وخمسمائة دولار...
بالطبع المنطق يؤكد أن هذا غير ممكن....حتى الأفلام المصرية فى هذا الوقت أشارت إلى أرقام أخرى....منها أن الدولار عام 1938 كان فى حدود 20 قرشًا...ارتفع إلى 25 قرشًا عام 1940....وهكذا استمر الدولار فى العالم كله مستقرا حتى عام 1971 عندما تم فك ارتباط الدولار مع العطاء الذهبى واستمرت حالة التسارع التى يعرفها كل الاقتصاديين حول العالم وليس فى مصر وحدها...
ولكنى تأملت الصورة عدة مرات قبل أن أهرع إلى شبكة الإنترنت للتأكد من قيم الدولار مقارنة بالجنيه المصرى بداية من عام 1938 وحتى الآن.....بالطبع المليم لم يكن يساوى شيئًا...القول المأثور «لا أملك مليمًا أحمر» كان ولا يزال دليلًا على الفلس الشديد.... إذًا كيف ولماذا أراد البعض بث هذه الروح الانهزامية وزيادة الحسرة على الماضى «الجميل»... لا أريد أن أقلب الحديث إلى السياسة ولكنى سألتزم بالبقاء فى منطقة عصر المعلومات..... لولا عصر المعلومات ولولا نموالوعى بدرجة كبيرة لدخلت تلك الحيلة على الكثيرين....لكن المنطق وأيضًا محركات البحث قللت بشدة من تأثير هؤلاء خاصة أنهم قد بدأوا فى انتهاج أساليب أقل ما توصف به أنها هوجاء مثيرة للشفقة والضحك.... قد يكون مثال المليم الأحمر شديد الوضوح... صارخًا إلى حد كبير ولكن أحيانًا كثيرة تكون المعلومات المغلوطة والأخبار الكاذبة أقل فجاجة من ذلك وأحيانًا تصيب البعض بعدوى اليأس والإحباط من هنا أتت أهمية تنمية الوعى والتصدى لتلك الأخطاء... فى السياسة والاقتصاد والحياة اليومية والدين أيضًا...... وللحديث بقية