الزائر
الجمعة 2 نوفمبر.. مدينة شرم الشيخ.. اليوم السابق لافتتاح منتدى شباب العالم..تم افتتاح مسرح شباب العالم.. الذى سيقدم العروض على مدار أيام المنتدى.. الافتتاح كان مبهرا.. يليق بالحدث.. العروض عالمية بالفعل.. تؤكد على مفهوم أن الفن لغة عالمية.. العزف والموسيقى والرسم والابتسامة والاستعراض أيضا.. اختتم الحفل بعرض مسرحى بعنوان «الزائر»..بطولة شباب من دول كثيرة.. يبدأ العرض بقرية آمنة مطمئنة.. بها تنوع رائع فى الأفكار والأجناس والأزياء.. الجميع يعيش فى وئام ومودة حقيقية.. يتقدم أحد أبناء القرية لخطبة فتاة جميلة...تشترط جدتها تأجيل الخطبة لحين عودة ابنها -خال الفتاة-الغائب منذ عشرة أعوام.. الغريب أن الخال يعود فى اليوم التالى مباشرة..
يستقبله الجميع بالود والترحاب.. يتذكرون الماضى الجميل.. يبدأ بعد ذلك فى انتقاد ما يفعلونه.. فى مشهد عبقرى يتحدث الى أخته لائما إياها لكونها جزءا من الماضى..يأتى بصفيحة قمامة...يقذف فيها التليفون والتليفزيون والكتب وساعة الحائط.. حتى اللوحات المعلقة عليه.. يقول لأخته إن الجهاز الذى أتى به يحتوى كل تلك الأشياء وأكثر.. به ألعاب.. آلاف الألعاب.. لا توجد حاجة للذهاب الى المدرسة.. بل لا توجد حاجة للمدرس ذاته.. مواقع للطبخ والأزياء الجديدة.. كتب وموسيقى وأفلام ومباريات رياضية.. يستبدل كل أهل القرية ما لديه من مقتنيات للحصول على الجهاز الجديد..
يتركون الآلات الموسيقية والكتب وأدواتها المختلفة ويحصلون على ذلك الجهاز.. الذى هو ببساطة جهاز «تليفون محمول».. الكل يفعل ذلك ماعدا الحارس.. لا يتنازل أبدأ عن سلاحه.. رغم محاولات الزائر لإثنائه عن التمسك بدور الحراسة والحماية.
تتبدل حياتهم تماما.. يتحولون إلى نسخة واحدة باهتة.. يتركون أنشطتهم المعتادة ويتحولون إلى مسوخ بشرية.. يلتقطون السيلفى طوال الوقت.
يرتدون نفس الأزياء الغريبة.. انسلخوا من جلودهم وارتدوا غطاء موحدا.. تتمرد الجدة وتلوم ابنها.. يظهر فى مشهد النهاية كجانى وكضحية أيضا.
يتخلصون فى النهاية من سطوة وسيطرة هذا الجهاز ويعودون إلى طبيعتهم السالمة.. وتباينهم الرائع.. تلك هى ببساطة مخاطر عصر المعلومات..
إضاعة للوقت ومسح للهوية وغسل للعقول واستعباد مع استبعاد للتباين الذى خلقنا الله عليه لنتعارف.. مخاطر وسلبيات شبكات التواصل الاجتماعى معروفة للجميع.. التصفيق الحاد من شباب العالم فى نهاية العرض لا يخلو من دلالة.. إن الجميع يعرف ويعى.. حتى الشباب الذين كنا نظنهم سيدافعون بضراوة.. يعرفون الخطورة.. وذلك يضيف أملا آخر إلى سلسلة الآمال التى نعقدها عليهم..
وللحديث بقية