مغول عصر المعلومات
من يقرأ التاريخ يتوقف كثيرا عند الحرب النفسية التى مارسها التتار على المسلمين وأدت فى النهاية إلى سقوط الدولة العباسية واجتياح بغداد عاصمة الخلافة عام 1258 ميلادية.
قام التتار ببث رسائلهم المباشرة (فى صورة تهديد مباشر وفظ لكل من الخليفة والأمراء) وأيضا بصورة غير مباشرة (من خلال نشر الشائعات لتدمير الروح المعنوية للأفراد والجيوش).
شائعات بعضها منطقى والكثير منها غير منطقي...مثل أن التتار يأكلون لحوم البشر....خيولهم مختلفة وأسلحتهم مختلفة... بل وصل الأمر إلى القول :إن الجن يقاتل معهم وأن عيونهم يخرج منها لهب حارق.....
دمرت تلك الحرب النفسية المسلمين تماما...لدرجة أنه يقال :إن أحد جنود التتار قام بقتل عشرات من مواطنى إحدى المدن... وأنه أثناء إعماله للقتل والتقتيل فى أجسادهم أن انكسر نصل سيفه فترك باقى المواطنين وذهب لإحضار سيف آخر...عند عودته وجدهم واقفين مستسلمين له فأكمل قتلهم جميعا... الاستسلام يأتى من الشلل الذى أحدثته الحرب النفسية...لا يمكن لكم الفرار من المغول...هذه هى الرسالة التى استطاعوا من خلالها اجتياح ديار المسلمين... بالطبع هزيمتهم فى آخر الأمر كسرت هذه الأسطورة الخرافية...العصر الراهن شاهد على أساطير مشابهة تم كسرها... مثل أسطورة الجندى الإسرائيلى الذى لا يقهر....
أسلوب المغول فى نقل الشائعات تراوح بين استخدام بعض الشعراء والحكائين....القيام ببعض العمليات الصغيرة مع عدو ضعيف جدا وباستخدام القوة الشديدة...نقل الأخبار مع التجار وأيضا الاعتماد على أحاديث المواطنين البينية....
هل يبدوأسلوب التتار مألوفا ؟ هل تراه متبعا فى عصر المعلومات؟ العصر الإلكترونى... عصر شبكات التواصل الاجتماعي...عصر إعلام المواطن... العالم حجرة صغيرة وليس قرية صغير كما كان يقال من قبل...استخدام تقنيات متطورة للخداع... اختلاق أوتعديل الصور ومقاطع الفيديو.... تغيير محتوى الأخبار.... الاعتماد على ربع حقيقة لبناء شائعة تنتشر كالنار فى الهشيم...تنتقل فى غلاف فكاهى أودينى أوسياسى....شائعة تدمر الروح المعنوية... تميت الأمل...الأمل الذى لا يمكن العيش بدونه... الأمل فى الأفضل والأمل فى الله قبل كل شيء.... أحيانا تأتى الشائعات فى صورة وعود غير واقعية ...ليصطدم الضحية بأرض الواقع فيموت يأسا وإحباطا... سيل الشائعات رهيب.... 21 ألف شائعة فى ثلاثة أشهر... معدلات غير مسبوقة...الوعى هوالحل... وللحديث بقية0