السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فى وداع النعمانى!

فى وداع النعمانى!






الكثير منّا ربما لم يكن له نصيب من اسمه، فمثلا [سعيد] ربما لم يسعد فى حياته وضنك الحياة قد «نغص» عليه دنياه، وربما [فرج] قد ضاقت عليه معيشته، وربما [حنان] قد جاءت إلى الدنيا ولم تجد من يحنو عليها [إلا] أن الشهيد [ساطع النعمانى] له حظ وفير من اسمه فسيظل «ساطع» فى سماء الشهداء ببطولاته ومحفورا فى أرض القدوة والمثل والتضحية والرجولة، و«سينعم» بالغفران له فى أول دفعة،وسيرى مقعده من الجنة،وسيُجار من عذاب القبر، وسَيَأْمن من الفزع الأكبر، وسيتزوج من 72 من الحور العين -هذا ما وعدنا به الرسول «ص» للشهداء.
استرد الله وديعته صباح الأربعاء المنصرم بعدما كان مقررا فى نفس اليوم وعلى متن الطائرة العائدة من بريطانيا أن يعود لأرض» أحلى اسم فى الوجود» ليحتضن زوجته وابنه الوحيد«ياسين» وأقاربه، بعد فترة غياب كان فيها يتلقى العلاج منذ 2013 وحتى رحيله، ظل خلالها مترددا على مستشفيات أوروبا ذهابا وإيابا إلى مصر، أجرى خلالها 12 عملية فى الوجه والبطن.
كانت بداية القصة قيام قناصة تابعين للجماعة الإرهابية قد اعتلوا أسوار جامعة القاهرة، وبمجرد وصول الشهيد لتأدية عمله فى إنقاذ أهالى بين السرايات وبولاق الدكرور، من اعتداءات الإرهابية التى قتلت منهم 15 وأصابت 60 وحطمت 70 محلا، انهالوا عليه بإطلاق عشرات الرصاصات بصورة عشوائية تجاهه، حتى إن «فلتت» رصاصة «تُصيب» أخرى، وبالفعل كانت رصاصات الغدر سببا فى معاناته طيلة الفترة الماضية، فمكث فى المستشفيات أكثر مما عاش مع أهله، ورافقته أشرطة الأدوية والحُقن أكثر مما جاورته زوجته وابنه.
كانت حياته منذ إصابته محصورة بين  الطوارئ والاستقبال وغرف العمليات والرعاية المركزة، ومابين شكّة الإبر ومرارة الدواء وفقد البصر وآهات المرض وعدم القدرة على المضغ والبلع – فقد تحطمت أسنانه- عاش ليردد دائما « راض بقضاء الله وقدره»
 «النعماني» الذى سينعم بالخلود فى الجنة مع الشهداء والنبيين والصديقين، بعد إنهاء رحلة علاجه الأولى والتى استغرقت عاما ونصف العام قد استقبله أهالى بين السرايات وبولاق بفعالية حب مع وطأة قدمه صالة الوصول بالمطار، وكان فى استقباله وفدا من وزارة الداخلية ونادى الشرطة، وفى مشهد درامى أدمع عيون وقلوب الحضورعندما قال «مش مصدق إنى رجعت مصر تانى وشفتها تانى، أنا كنت شهيدا لكن ربنا رجعنى للحياة تانى» ليرتمى فى أحضان والدته فى مشهد مؤثر _ربما أكثر مخرجى السينما عبقرية يعجز عن تجسيده.
 وصل جثمانه الشريف صباح أمس ليلتف بعلم «أم الدنيا» لتحاوطه الجموع الغفيرة  لوداعه إلى مثواه الأخير، فى مظاهرة حب شاركت فيها القيادة السياسية شعبها، لتوديع رمز حفر اسمه ب [قاهر الإرهاب] وخلده الرئيس السيسى بإطلاق اسمه على ميدان النهضة، ذلك الميدان الذى أصيب فيه بعدما صوب الإرهابيون الرصاص عليه لتخترق قذيفة فكّه فتتحطم أسنانه  وأخرى بعينه فيفقد بصره وثالثة بصدره فتمزقت أعضاؤه الداخلية،ليسقط مضرجًا فى دمائه.
رحلت يا نعمانى ،يا عريس الجنة - مع السلامة - والسلام أمانة لمنسى الأسطورة، وخالد مغربى الدبابة، وشبراوى وحسنين العرسان، وأحمد حامد الخولى، وعادل رجائى، أحمد وهب الله، جاد الرب حسنى، إبراهيم الأبيض ووووو
سنقرأ جميعًا الفاتحة على روح «النعمانى» وندعوا  قواتنا المسلحة لتوقيع  مزيد من الخسائر وأمطار العذاب على الإرهابيين فى سيناء وباقى أرجاء الجمهورية  من خلال العماية الشاملة «2018».