الثلاثاء 22 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الفتاح العليم» والخطاب المستنير

«الفتاح العليم» والخطاب المستنير






استمعت الجمعة الماضية إلى أول خطبة تقام من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال الأيام الماضية.. نموذج مشرف لعالم مصرى متحضر يخاطب العقول المسلمة وغير المسلمة هذا الشاب الأربعينى الدكتور أسامة الأزهرى الذى ينطلق من لسانه حلو الكلام وأعذبه  بصورة تلقائية لا تخلو من جذب المستمع  للخطبة من أول كلمة فيها إلى نهايتها.. تشعر للوهلة الأولى عندما تنظر فى وجه الأزهرى أنك تقف أمام عالم عابد تقى يغار على وطنه ويقدس ترابه وسماءه وهذا هو النموذج المثالى الذى من المفترض أن يتحلى به كل من يصعد المنبر موضع رسول الله الكريم مخاطبًا المسلمين فى أمور حياتهم الدينية والدنيوية والأخروية بصورة حديثة تتمشى مع ركب التطورات الحادثة فى مصر وتتعدى بصورة مبسطة إلى العالم فى شكل خطاب دينى مستنير يوضح صورة وعظمة هذا الدين الذى جاء إلينا دون تعب أو جهد عن طريق النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده على طبق من ذهب.
الحقيقة أن نموذج خطيب مسجد «الفتاح العليم» يحتاج إلى وقفة بروية لمعظم  الخطباء فى العديد من مساجدنا بالمحافظات إذا كنا نريد حقًا تطوير الخطاب الدينى لا أنكر دور الأزهر الشريف ودور الوعاظ فى الحملات الدينية ولا دور وزارة الأوقاف التى استطاع وزيرها الدكتور محمد مختار جمعة أن يدير بجدارة حقل الدعوة والسيطرة على منظومة شديدة الصعوبة خلال الأربع سنوات الماضية وغلق الأبواب أمام التيارات التى ضربت عقول المصريين بعد الثورة بأفكار رجعية تتسم بالتشدد والإرهاب الفكرى وعدم قبول الآخر.. ولكن نحتاج إلى مزيد من التنقية والفلترة لكل من يصعدون المنابر ويخاطبون الناس بلغة رقيقة بعيدة عن الواقع والعصر الذى نعيش فيه ولذلك نجد تأثير الخطيب فى المصلين ضعيفًا إلا من رحم ربى.
  نعود إلى فلسفة أول خطبة من الفتاح العليم وكيف كانت شاملة جامعة لمصر فى كل محافظاتها ورسالة موجهة للعالم كله من أرض الكنانة التى تشهد الأمل الذى يتحول إلى عمل، والحلم الذى يحققه العلم، والإرادة التى تتحول إلى إدارة، وإرهاب ينهزم، وجرح يلتئم، وشعب مترابط ينسجم، وجيش عظيم يحمى وشعب كريم يبنى.
ويوجه الخطيب كلمات بسيطة مؤثرة فى عقول المستمعين  فيقول: شعب مصر العظيم، فى عام جديد، وعاصمة جديدة لمصر فقد آن لنا أن نصنع خطابًا دينيًا جديدًا تنطوى فيه صفحات مؤلمة من الإرهاب والكفر والعدوان والدماء وتمزيق الدول والشعوب، آن لنا أن يولد وينطلق للعالم من أرض مصر خطاب دينى جديد عميق مرتبط بأصله من القرآن والسنة وعلوم الأمة وحضارتها متصل بالعصر بمختلف أزماته وأسئلته وتحدياته.
وتوجه العالم الأزهرى، بتحية حب وولاء إلى سيد وقف قبل بضع ألوف من السنين على أرض مصر مدبرًا ومخططًا وراعيًا لأساليب خروج أرض الكنانة من أزمتها مؤيدا بنور الوحى والنبوة محفوظًا بالعصمة والعناية سيدنا يوسف بن يعقوب، يوم أن وقف وجعل نبوته ورسالته قائمة على أصلين الأول الدعوة إلى توحيد الله الذى هوأساس سائر الرسالات والأصل الثانى حماية مصر وإنقاذها.
هذه الخطبة البداية الأولى لانطلاق خطاب دينى يرقى إلى العقول ويوقف الصراع المذهبى بين المسلمين ويفكك الفكر المتطرف الذى يهدد المجتمعات العربية والإسلامية ويظهر الإسلام على غير حقيقته التى جاءت من أجل الرحمة والتسامح وحب الأوطان وقبول الآخر.