الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البطل يموت شهيدا

البطل يموت شهيدا






الكتابة للطفل غواية لا ينجذب إليها إلا كل كاتب أصيل لا يسأل نفسه لماذا يكتب للطفل، ولم يفكر مرة أن ينتظر مالا أو شهرة نتيجة الكتابة للطفل، فالطفل لن يسأل عن صاحب القصة والناس فى بلادنا العربية عامة والمصرية خاصة يعتبرون كاتب الأطفال كاتبا لم يكتمل نموه ولا يستحق إلا نصف أجر. الكاتب عبد الباسط البطل أحد الأسماء المهمة التى أكلتها غيلة حادثة قطار محطة مصر، فقد كان أحد الضحايا الذين فقدوا روحهم بسبب الإهمال الجسيم الذى ارتكبه سائق وصل إهماله لدرجة الجريمة البشعة، والبطل مات محترقا وهو ينتظر كاتبا وفنانا قادما إليه بعمل يحبه من أعمال الطفل على رصيف المحطة وعلى المقعد الحجرى الذى كان يحمل بالطبع برودة فبراير المتقلب، كان عبد الباسط ينتظر صديقه الفنان التشكيلى عبد الرحمن بكر ليذهبا إلى الكاتب الكبير الروائى على ماهر عيد لزيارته وعرض آخر أعماله  التى كتبها للطفل على كاتبنا الكبير.
 والبطل كاتب مخلص من موtاليد قرية شبرا ملكان مركز المحلة الكبرى الذين أحبوا وعشقوا الكتابة للطفل وأراد أن يتخصص فيها فمنحته الكتابة سرها حتى صار واحدا ممن يعتلون منصتها الراقية، وأحد كتاب الأطفال المهمين بها، قام بتأليف الكثير من قصص الأطفال ونشر ثلاث سلاسل للطفل تناولت قصص الحيوان فى القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة وشهداء موقعة بدر الكبرى، كما ألف رواية مهمة تسمى» قلوب العصافير» للناشئة التى تتحدث عن طرق تعليم الطفل المانغولى متلازمة داون ونشر مجموعة من الكتب للناشئة، وله تحت الطبع مجموعة قصصية تحت عنوان»علمنا رسول الله» منها عصا جدى، حوض الحسنات، هدية نجاح، سر الحصالة وقصص أخرى وسوف تصدر عن مجلة فارس.
كانت آخر أعمال الكاتب قصة «الأسد» التى نشرت فى العدد الجديد من مجلة فارس التى تصدرها أخبار اليوم حول الأسد الذى لا يطارد إلا فريسة واحدة ولا يحدد إلا هدفا واحدا كى يستطيع أن يحققه، رغم أنه يجوار أهداف تبدو قريبة منه ولكنه يركز جيدا فى هدفه الذى حدده، كانت تلك هى الحكاية التى ساقها الأب لابنه الذى يود أن يشارك فى عدة مسابقات ليحصل على عدد من الجوائز فى الوقت نفسه، أراد الأب أن يعلم ابنه درسا مهما من خلال مشاهدته لبرنامج يكشف طبيعة الأسد، كانت تلك واحدة من القصص التربوبة المهمة التى يقدمها البطل والتى من خلالها يريد أن يعلم الطفل شيئا دون وعظ وإرشاد مباشر، هذه هى نوعية القصص التى يقدمها البطل للأطفال، هذه النوعية التى تترك أثرا يمتد طويلا فى نفوس أطفالنا.
واستطاع البطل فى قصته أن يشكل شخصية الأب الحريص على تعليم ابنه بشكل غير مباشر  ويدعو الطفل للتفكير والتأمل واستنتاج واستنباط النتائج بنفسه دون مساعدة وذلك حين طلب منه أن يشاهد البرنامج أكثر من مرة لكى يعرف الهدف الذى يرجوه الأب منه، والجميل أن الطفل المختلف استطاع أن يصل للمعزى الذى يريده الأب .
تصلح القصة بالطبع لسن من 6إلى 10 سنوات وهى السن التى يعشق فيها الطفل عالم الحيوانات ويحب فيه الحيوانات الأليفة وكذلك المفترسة وخاصة الأسد والفيل باعتبارهما أقوى الحيوانات فى الغابة.  
وأخيرا كل الرحمة من الله للكاتب المحترم عبد الباسط البطل الذى رزقه الله مؤخرا بالشهادة فى حادثة قطار محطة مصر ليلقى ربه بقلب طيب طاهر عامر بمحبته ومحبة رسول الله ومحبة الأطفال الذين كان يود أن يعلمهم ويثقفهم ثقافة تأخذ بأيديهم إلى طريق الخير والحق والجمال والسؤال الآن ماذا لو أن هذا الكاتب البطل الذى احترق بنار الكتابة من روادى مقاهى وسط البلد، ألم تكن الدنيا قامت ولم تقعد حتى الآن لكنه الكاتب المخلص لفنه ابن القرية المصرية الذى بلا شلة تحميه أو جماعة تدافع عنه أو أيديولوجية  تقوى ظهره حين يواجه النار، تحية للكاتب الذى مات شهيدا .