الأحد 25 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فارس القومية وزمن الميليشيات

فارس القومية وزمن الميليشيات






فى زحمة الصراعات وتلاحق الأحداث، ما بين حظر تجوال وفرض حالة الطوارئ فى مصر، التى تم تجديدها الخميس الماضى شهرين إضافيين، والإرهاب فى سيناء، ومحاولات تعويق الدولة ، وبين توالد الانفجارات فى العراق وتكاثرها لتتزايد معها الأشلاء المتناثرة فى بلاد الرافدين، حيث حلت "بركات" المحتل الأمريكى الذى جاء زاعما حمله لبذور الديمقراطية فإذا به يغرس أشجار الفتنة السوداء والطائفية، تاركا خلفه عملاء وميليشيا تنطق العربية وترتدى البذة العسكرية الواشنطية، وبين قبائل ليبيا المسلحة التى توجه فوهات مدافعها لصدر الشقيق العربى، برصاصات حلف الناتو، قال الناتو جئنا لكم لنساعدكم على قتل الديكتاتور ونهدى لكم الديمقراطية، بيد أنهم ألقوا بأطنان السلاح فى صحراء خضبت ذات يوم بدماء عمر المختار ورجاله وهم يسطرون بأحرف من نور التاريخ بصمودهم الباسل فى وجه المحتل الغربى الغاصب، وما أقبحه اليوم يتقاتل الأحفاد بسلاح أحفاد المحتل، بينما يجنى هو ثمار استعماره الجديد لعقول خربة تتقاتل ويجنى الأمريكيون الثمار.
فى دمشق ومحافظات الشام، الواقع أسوأ والخطب جلل، أطفال تقتل وشباب يذبح ومدن تفجر، وحضارة تطمس، فى معركة بالأسلحة الثقيلة بين وريث الديكتاتورية بشار، يناصره ميليشيات الصفويين، بسلاح الدب الروسي، وميليشيا التطرف الدينى والمحاربين بالوكالة عن امريكا وحلفائها بدول الخليج، تحولت الى قطعة شطرنج وساحة بديلة للحرب بين القوى الدولية، والخلاصة تواصل تدمير البنية التحتية للدولة واقتصادها وتمزيق جسد شعبها بين مهاجر، وشهيد، ومصاب بعاهة مستديمة والمستفيد من كل ذلك الكيان الصهيونى المدعو اسرائيل، بينما الثوار الحقيقيون أذهلتهم الدماء وهجروا ساحة النزال فرارا من دماء لا يتحملون وزرها بأسلحتهم السلمية والشعارات والهتافات الثورية، ومن لم يملك الفرار يصارع الموت بين مطرقة الأسد، وسندان التكفيريين.
فى العام ٢٠٠٩ كنت ضيفا على سوريا، حيث روعة اللاذقية، ودفء حلب ، وتاريخ الرقة، ودفء دمشق، وسحر معلولة ، سرت بين فج القديسة تقلا وزرت كنيستها حيث انشق الجبل الى جبلين، ومن سخرية القدر أن تسقط معلولة فى قبضة مجموعات تكفيرية يزعمون مناصرتهم لثوار سوريا، هللوا لإحكامهم السيطرة على ما أسموها بعاصمة الصليبيين فى سوريا، السخرية تبلغ ذروتها حين تجد أمريكا واحفاد من قادوا حروبا صليبية فى السابق يساندون تكفيريى اليوم.
وفى فلسطين التى شكلت منصة اطلاق صواريخ ناجى العلى الكاريكاتورية، حيث ٤٠ ألف قذيفة أطلقها قبل ان يغتال مدوية فى العالم العربى تهز حصون الفساد والاستبداد والتبعية والديكتاتورية، وترهب الصهيونية العالمية، اليوم تشرذم الفلسطينيون بين فتح وحماس، يتصارعون على اللا سلطة، ويتنافسون على أموال الدعم، فيما يقاتل أهل فلسطين الشرفاء المناضلين لتوحيد صف قادتهم، يصارعون آلة القتل الصهيونية، وتتمدد أفعى المنهوبات المسماة زورا وبهتانا مستوطنات فكل يوم يقتلع أشجار الزيتون وتضيع أجزاء جديدة مما تبقى من ارض مباركة.
ناجى العلى الذى أطلق ٤٠ ألف قذيفة مدوية بقلم فحم، لمواجهة فساد الفكر والمال والسلطة والتبعية للغرب وبيع القضية، تكاثرت عليه الخصوم لكن ويا سخرية القدر لم يجرؤ من اغتاله على أن يسمع صوت رصاصة الذى استقر فى جسده، فاغتيل غدرًا فى السادس والعشرين من اغسطس ١٩٨٦، بمسدس كاتم للصوت، فلم يسمع بشر صوت قذيفة الغدر، فى حين سمعت الملايين صوت قذائف العلي، التى أرهبت الفساد والمحتل، مصر حفظها الله وقفزت على محاولات زرع الميليشيات بها، لكن المليشيات باتت واقع العالم العربى ترى ماذا كان سيرسم ناجى العلى فى زحمة تلك الأحداث لو عاش بيننا.