
محمد عبد النور
تسعيرة وزير التموين
بدأت الحكومة فى التلويح بما تظنه الورقة الرابحة فى ضبط الارتفاع الهائل فى أسعار الخضراوات والفواكه وهى ورقة التسعيرة الجبرية والتى ربما تلقى استحسانا شعبيا لصورة الحكومة، لكنها فى نفس الوقت قد تطرح التساؤل حول مدى نجاح هذا الاتجاه فى تحقيق الهدف فى خفض الأسعار، ومدى استجابة السوق لهذه القرارات الإدارية تحت قواعد نظريات العرض والطلب واقتصاد السوق المفتوح الذى حدد أدوات معينة للتدخل الإدارى فى ضبط إيقاع الأسعار، ليس منها بكل الأحوال التسعيرة الجبرية.
حسنا لوحت الحكومة الآن اللجوء إلى فرض التسعيرة الجبرية على الخضراوات والفواكه دون اعتبار للتأثير السلبى الخطير الذى يمكن أن يصيب السوق ويضر بالمواطن أكثر ما يفيد الهدف فى خفض الأسعار، وهنا لا أتحدث عن أسرار، ولا عن افتعال وقائع، فقد جربنا من قبل و على مدى سنوات طويلة التسعيرة الجبرية، التى أنتجت التسعيرة الموازية، أى السوق السوداء، وعايشنا ان السلع الرديئة أو التى على وشك التلف هى التى يعرضها التجار بالتسعيرة أما الجيدة فلها سعر آخر يتم التفاوض عليه مع الشارى وعلى عينك يا تاجر، فلا التسعيرة الجبرية نجحت يوما ما فى ضبط أسعار السوق، ولا المواطن استفاد عمليا بقرار إدارى يحدد تسعيرة جبرية على سلعة ففى كل الأحوال كنا نشترى من الخضرى والفكهانى بأزيد من سعر التسعيرة ضمانا لجودة الخضراوات والفواكه.
والمدهش أن وزارة التموين لجأت فورا الى التلويح بالتسعيرة الجبرية على الخضر والفاكهة دون محاولة استخدام الادوات الكثيرة المؤثرة على ضبط الأسعار التى تحت يدها، بل حتى تجاهلت الظروف الموضوعية الأخيرة التى من المؤكد انها سبب فى ارتفاع الأسعار، ومنها بلا شك حظر التجول وتأثيره على حركة النقل، غير تعطيل الطرق المتعمد من جماعة الاخوان الشيطانية غير التوقف شبه التام لحركة القطارات، وكلها ظروف موضوعى فرضتها محاولات اعادة الأمن الانضباط لكل اطراف مصر.
فاما الأدوات المؤثرة التى فى يد الحكومة وهى معطلة حتى الآن فهى تتعدد بين المجمعات الاستهلاكية التى تملكها الشركات القابضة وبين الأسواق المتنقلة وأيضا الشوادر الثابتة والتى تبيع الخضروات والفاكهة واللحوم بالأسعار التى تحددها الحكومة.
لست ادافع هنا عن جشع تجار ولا ادافع عن سلوك احتكارى، ففى النهاية مثلى مثل كل مواطن أريد أن أرى أسعاراً تكون فى متناول اليد، ولكننى انبه الحكومة التى تعتمد اقتصاد السوق الحر إلى أنه لا يجوز أن استخدم قرارا إداريا خطيرا مثل فرض تسعيرة جبرية للاستهلاك الشعبى لاعطاء الانطباع بالقوة والحسم قبل أن تستنفد أدواتها المتعددة المؤثرة الكثيرة، فالقوة والشعبية لا تكون بتسعيرة وزير التموين.