الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الفرحة الكبيرة
كتب

الفرحة الكبيرة




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 16 - 11 - 2009


العلاقات الأخوية والتاريخية مرفوعة من الخدمة!


1


أمن المصريين في الجزائر مسئولية الحكومة الجزائرية، ولن يكونوا أبداً رهينة للفوضي والغضب والانفعال، هم يعيشون في دولة تستطيع أن تحميهم، ولا تتركهم للمشاغبين والمتظاهرين.


هل يتكرر الاعتداء الأثيم الذي وقع علي المصريين في الجزائر، كلما لعبت مباراة مع دولة أخري، فإما أن يفوزوا أو يهاجموا مواطنيها ويهددوا حياتهم وممتلكاتهم.
لماذا لم تتحرك السلطات الجزائرية، ولم يبادر أي مسئول جزائري بتكذيب شائعات مقتل مواطنين جزائريين في القاهرة.. إلا بعد ساعات طويلة من حصار المصريين ورميهم بالزجاجات الحارقة؟
2
الجزائر أيضاً لها مصالح وسفارة ومكتب طيران وجزائريون يعيشون بيننا، فهل تكون سعيدة إذا طبق عليهم البعض قاعدة المعاملة بالمثل، وفعلوا فيهم مثلما فعلوا بنا؟
لقد شاهدنا الجمهور الجزائري علي شاشات التليفزيون يستفز الجمهور المصري، ويأتي بأفعال وحركات مجرمة قانوناً، ورغم ذلك لم يتعرض لهم أحد، ولم يمسهم أحد.
ثلاثة آلاف وأكثر حضروا إلي القاهرة، وتظاهروا وتجمهروا وكسروا، ورغم ذلك كان أمنهم هو هاجس السلطات المصرية، لأننا دولة فيها قانون ولا تحكمها شريعة الغاب.
3
أمجاد ياعرب أمجاد في الشتائم والبذاءات، ومنذ فترة طويلة يمارس الإعلام الجزائري حرباً نفسية دعائية كاذبة، وصلت إلي حد الجريمة، خصوصاً عندما اختلق حكاية مقتل الجزائريين في مصر.
ابتدعوا تغطيات شاذة وتسيء للمصريين وللمدرب الوطني حسن شحاتة، ورغم ذلك لم تخرج كلمة من الإعلام المصري تسيء إليهم أو تجعل مدربهم في صورة عروسة!
في مثل هذه الأحوال لا ينفع التمسح بالعروبة والأخوة وأننا أشقاء.. فتلك عبارات لا تنفع في مثل هذه المواقف، وهناك قوانين دولية واتفاقيات ومعاهدات يجب احترامها.
4
الكراهية هي الداء القاتل الذي أصاب الشعوب العربية.. وما حدث من الجزائريين تفعله شعوب عربية أخري ضد بعضها البعض، وصار العداء أقرب كثيراً من الصداقة والتفاهم.
شعوب تتصارع ولا تتعاون، تتقاتل ولا تتصالح، الأغنياء العرب أكثر سفهاً من سلاطين المماليك، والفقراء أكثر حقداً من التتار، شعوب فقدت الانسجام والتفاهم والحوار.
الأجيال الجديدة أكثر إلحاداً بالعروبة وأشد انتماءً للعولمة ولديهم نزعات تعصبية تطغي علي كل شيء.. وأوشك الجيل الذي يؤمن بالعروبة علي الاختفاء والرحيل.
5
العلاقات الأخوية والتاريخية مرفوعة من الخدمة.. ومن يحاول أن يحتمي بها يجري وراء سراب، ويبني مواقفه علي حسابات خاطئة، لم تعد مثل القرش الأبيض الذي ينفع في اليوم الأسود.
مباراة في كرة القدم ضربت هذه العلاقات في الجذور، ومسحت سجلات التلاحم بين البلدين.. وأساءت لتضحيات كبيرة وجهود جبارة ووضعت شعبين في مواجهة كاذبة.
أسألكم بصراحة: إذا أذاع التليفزيون المصري اليوم فيلم "جميلة بوحريد".. هل يشاهده المصريون بنفس الرغبة والحماس وهل تنساب الدموع في عيونهم تعاطفاً مع المناضلة الجزائرية العظيمة؟
6
فلننس الأخوة والتاريخ ولنبدأ من جديد.. في خلق تواصل حقيقي بين الشعوب العربية يعتمد علي الاحترام والثقة، والمصالح المشتركة والمعاملة بالمثل.
المباريات تروح وتجيء، وكارثة مباراة مصر والجزائر أنها افتتحت مزاداً للشتائم والعنف يمكن أن يتكرر في أي مباراة بين دولتين عربيتين.
يمكن أن تشتعل النيران بشائعات كاذبة وإعلام انفعالي وجماهير تتحرك كالقطيع ويمكن أن تدهس من يقابلها.. وإذا كانت اليوم لك، فهي غداً عليك.
7
الإعلام المتوحش يجب أن يهدأ.. فهو الذي يشعل الحرب بين بلدين شقيقين، وقبل ذلك وبعده، فهو يشعل النار في جسد الوطن المصري كل ليلة عشر مرات علي الأقل.
الفضائيات المصرية ليست بريئة مما يجري، فقد ظلت طوال 48 ساعة قبل المباراة تحشد الجماهير وكأنها الحرب، إرسال متصل لا ينقطع وأغانٍ وطنية في غير موضعها.
كان طبيعياً أن يخرج الناس بالملايين في الشوارع بعد المباراة.. ولا تستبعدوا أن يخرج الناس بالملايين في أي موقف آخر.. اليوم مباراة وغداً رغيف خبز.
8
لم أكن سعيداً أبداً بالملايين الذين خرجوا في الشوارع عقب مباراة الجزائر، لأنني سألت نفسي: ماذا كان يحدث لو لم تفز مصر بالمباراة لا قدر الله؟
لقد تمت تهيئتهم للحرب وتزويدهم بالأعلام والطبول والدفوف وعلب البيروسول.. تعبئة عشوائية لا يستطيع أحد أن يحدد مسارها.
أين كانوا سيذهبون؟ ولمن يدقون الطبول ويشعلون البيروسول؟.. ربما ناموا مع أحزانهم أو خرجوا للتعبير عنها.. الله أعلم.
9
مباراة غدٍ الأربعاء.. لا تقبل القسمة علي اثنين.. إما الفوز أو الفوز، لن يقبل الناس غير ذلك، ولن يرضيهم أقل من العودة إلي القاهرة أبطالاً منتصرين.
الذي نستطيع أن نفعله هو أن ندعو الله سبحانه وتعالي أن يحقق الحلم الذي أصبح أهم شيء في الحياة، وغطي علي كل الأزمات، وتراجعت بجواره أنفلونزا الخنازير.
مباراة الغد ليست احتفالية لمدة يوم أو أسبوع، ولكنها مهرجانات مستمرة حتي موعد انطلاق بطولة كأس العالم في يوليو القادم.. مباراة عمرها ثمانية شهور.
 

E-Mail : [email protected]