الدعــاة المــودرن
شباب مودرن يرتدون الملابس «الكاجوال» والخواتم الفضية، وأحذية شديدة اللمعان، يخاطبون القلوب ويتحدثون بطريقة «عامية» عن الجنة والنار والحساب والأخلاق، يمثلون ظاهرة الدعاة الجدد «المودرن» وذلك عقب تراجع دور الشيوخ ذوى الخلفية الأزهرية.
الظاهرة ليست وليدة اللحظة فى مصر، لكن بلغت ذروتها فى السنوات الأخيرة مع تزايد أعداد الجمهور وانتشار الصالونات الإسلامية ودروس المساجد ثم القنوات الفضائية كوسيط إعلامى واسع الانتشار بدأت مع الداعية عمرو خالد ومن بعده عمرعبدالكافى، وكان العامل المشترك فى كل الدعاة الكاجوال أن أغلبهم ليسوا من خريجى المعاهد الشرعية أو الكليات الدينية بل كانوا طلبة متفوقين فى الرياضيات والجيولوجيا والتجارة.
خطة الدعاة «الكاجوال» للسيطرة على وجدان المصريين اعتمدت على تخصيص خطابهم لما يشغل الشباب فى سن العشرين من العمر الذين ينتمون لشرائح اجتماعية تبحث عن التدين الذى لا يحرمها من مباهج الحياة.
وكان فى مقدمة الدعاة الكاجوال معز مسعود ومصطفى حسني، والذين اتسم أسلوبهم بالتمثيل وتأثرهم بطرق التنمية البشرية وأساليب مندوبى المبيعات، أغلبهم يقولون عكس ما يفعلون، وعند الدخول فى تفاصيل حياتهم تجدهم يتخذون الدعوة سبيلا للوصول إلى مآربهم وطريقا لامتلاك شاليهات أو قصور ووسيلة لتعدد الزيجات.
ولم يتوقف أشباه عمرو خالد ومعز مسعود عن التناسخ منذ ازدياد القنوات الفضائية واحتكارها لنوافذ الدعوة ومؤخرا ظهر شباب آخرون على نفس الشاكلة يتسم عليهم الطابع السلفى فى محاولة لاستنساخ داعية سلفى مودرن، ومن هؤلاء الذين يستطيعون الجمع بين ابتسام الشفتين وتقطيب الجبين تأثرا مثل أيمن صيدح ومحمد الغليظ وغيرهم.
محمد الغليظ.. «ونش السلفية»
يغتر محمد الغليظ بشعبية زائفة حظى بها فى وقت سريع بين صفوف الشباب، إلا أنه يسير على خطى من سبقه من متطرفى الفكر ورائدى التشدد من السائرين على النهج التقليدى للجماعات السلفية حتى وإن اختلف المظهر، فالجوهر واحد ولم يبتعد الغليظ كثيرا عن تقليدية المنهج السلفى فى الدعوة المعتمدة على فكرة الترغيب والترهيب، وهى فكرة نمطية لا تتغير بتغيير الملابس من جلباب إلى ملابس عصرية.
يتخذ من مسجد الملتزم بمنطقة جناكليس بالاسكندرية مقرا لالقاء درس اسبوعى يوم السبت وهو يعتبر زاوية أسفل منزل يحاضر فيه عدد من مشايخ الدعوة السلفية، وينظم الفعاليات شباب الدعوة منذ سنوات وحتى الآن بعيدا عن أعين وزارة الأوقاف حيث يقوم شباب الدعوة بتسجيل الدروس عبر الكاميرات وأجهزة التسجيل ذات التقنية العالية، وإعادة بثها على مواقع التواصل الاجتماعى.
بدأ الغليظ مشواره مع السلفية، بعدد من اللقاءات مع متحدث حزب النور الشهير نادر بكار، وكانت بداية الشهرة، حين غطى موقع «أنا السلفي» الشهير لدى أتباع التيار، أخبار زواج الغليظ، وحضور كبار السلفيين، مثل: الشيخ سعيد عبد العظيم، وياسر وجمال برهامى للزفاف.
يروج آراءه المتشددة على منابر المساجد وبعد ما منعته وزارة الأوقاف من إلقاء الدروس أو الخطابة، اعتبرها حربا وقرر خوضها للنهاية، فاستأجر قاعات الأفراح والمسارح ليبث عبرها دروسه التى تشهد أكبر تجمعات لمؤيدى الفكر السلفي.
وابتكر نوعا جديدا للدعاية والترويج لنفسه ولمن كان على شاكلته من السلفيين، فراح يدشن الصفحة تلو الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، ليغرقها بإعلانات ركيكة لا تتناسب مع وقار رجل الدين، مطلقًا على نفسه لقب «ونش الدعوة» تمكن من جذب الكثير من الشباب والفتيات للصفحة الرسمية التابعة له، وخصص منافذ لبيع تذاكر حضور دروسه بقيمة 30 جنيها للتذكرة، بعدد من المكتبات الخاصة بالإسكندرية، بالإضافة إلى التواصل مع الشباب الذين يرغبون فى الحصول على تذاكر من خارج الإسكندرية واقترح على الشباب احتواء الأعداد الكبيرة التى تقبل على الدرس الأسبوعى، بشراء الدور الإدارى أعلى المسجد، والذى يبلغ ثمنه 2 مليون جنيه.
أمير منير ..«مندوب مبيعات الدعوة»
أمير منير، والذى يوصف بأنه «مندوب مبيعات الدعوة»، يلقى محاضرات فى عدة أماكن مقابل مبالغ مالية تصل لـ 300 جنيه للفرد الواحد من الحضور، وهو شخص مجهول المنبت لا يعرف له مؤهل علمى ويخرج على الناس ليسوق أفكارا رجعية سلفى يتحدث بطريقة تتناسب مع الشباب بدأ فتاويه بتحريم الغناء ثم تكفير المجتمعات التى تستمع للغناء.
أيمن صيدح.. «الرسام»
أيمن السيد أحمد بن حسن صيدح وشهرته أيمن صيدح، حاصل على بكالوريوس تجارة والتحق بالجامعة الإسلامية بالسعودية فى فترة إقامته بالمملكة كان بارعا فى الرسم والتصوير خاصة تجسيد ورسم الشخصيات التى يراها.
حازم شومان.. خليفة عمرو خالد فى النحنحة
بعد تخرجه فى كلية الطب جامعة المنصورة بدأ يستقطب شباب المحافظة للاستماع إلى ما يلقيه من دروس بطريقة كانت أشبه إلى حد كبير بأسلوب معلمه «محمد حسين يعقوب».
عمل مزيجا بين أسلوب يعقوب المعروف عنه جذب الانتباه من خلال الجمل الاستفهامية خلال دروسه وخطبه وأسلوب الداعية عمرو خالد الذى بدأ طريقه فى نهاية التسعينيات، وجذب حوله الشباب والفتيات بالدموع و«النحنحة» واصطناع البكاء والتضرع والخشوع، فكانت الخلطة التى مكنته من عمل قاعدة كبيرة من الشباب حوله ساقها أمامه كالقطيع.
الأسلوب المؤثر الذى يصطنعه حازم شومان، مكنه من أن يصدر سلسلة من الدروس الدينية كان من بينها سلسلة «فرسان الأقصى»، والتى كان يحرض فيها الشباب على العمليات الاستشهادية فى فلسطين دفاعا عن المسجد الأقصى بينما كان يتلاعب بعقول الشباب ليضمهم إلى الجماعات الإرهابية التى كانت ترسل الشباب للجهاد فى سوريا وأفغانستان وليبيا واليمن والعراق، وأصبحوا الآن من عتاة الإرهابيين وأغلبهم انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي، أو قُتل فى هجمات انتحارية أو على يد قوات مكافحة الإرهاب.
بعد قيام ثورة (30 يونيه 2013)، استمر حازم شومان يدعم جماعة الإخوان الإرهابية، وكان يحشد الشباب للانضمام إلى اعتصام النهضة ورابعة العدوية الإرهابي، كما كان أحد المشاهير الذين وقفوا على المنصة ليخطب فى المعتصمين خطبا حماسية مضللة ليحرضهم على البقاء فى الاعتصام حماية لشيوخ الفتنة والضلال.
وبعد سقوط الجماعة الإرهابية والقبض على مرشدها وأعضاء مكتب الإرشاد، اختفى شومان من على الساحة لفترة كبيرة، حتى عاد مجددا عبر مواقع التواصل الاجتماعى التى يمتلك منها أكثر من (20) صفحة على «الفيسبوك» وقناتين على «اليوتيوب» ليبث من خلالها سمومه فى عقول الشباب.






