الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصورة الكاملة لسيناريوهات ما بعد «مؤتمر برلين»

معركة المصالح الدولية فى مواجهة المصلحة الوطنية الليبية:

الصورة الكاملة لسيناريوهات ما بعد «مؤتمر برلين»

استكمل ما كتبته منذ يومين تحت عنوان «كواليس وكوابيس برلين» والتى سبقها إعلان هدنة بضغوط أوروبية لم يستفد منها إلا السراج وأردوغان. الهدنة التى شملت وقف إطلاق النار لكنها لم تتحدث عن توقيف عمليات نقل المقاتلين، وقد تمت بالفعل بكثافة باستخدام طائرات مدنية، كما أن الميليشيات هناك تمكنت من تعزيز دفاعاتها الجوية.



إذن منذ البداية كان الموقف الأوروبى منحازًا لتركيا، ظنًا أنه يمكن استخدامها على الأرض لتقليص الوجود الروسى، لكن ما حدث هو تقارب روسى تركى وصل لدرجة التوحد لسببين:

- وجود تفاهمات تركية روسية لتوصيل الغاز لأوروبا بسبب صعوبات التوصيل من خلال أوكرانيا بعد أزمة إقليم القرم. 

- رغبة روسيا فى نقل المقاتلين من سوريا إلى ليبيا للتخلص من أعبائهم وتمكين روسيا من السيطرة على الأرض بعد إخلائها من المقاتلين الذى يبدو أن روسيا بدأت تفقد السيطرة عليهم لتشبع أيديولوجياتهم واختلاف وجهات سلاحهم التى أصبحت عشوائية.

  فى الطريق إلى برلين ذهبت تركيا وهى متورطة فى السلوك غير المشروع بشكل معلن وأركان جريمتها تمثلت فى الآتى:

- السلوك الاحتلالى لدولة عربية.

- الدعم المعلن للمقاتلين الإرهابيين ونقلهم من سوريا إلى ليبيا.

- تهديد أوروبا بجحافل من المهاجرين غير الشرعيين.

وبعد الانحياز الأوروبى لتركيا، تم اكتشاف الالتفاف التركى على هذا الدعم والانحياز لروسيا ظنًا أنها يمكن أن تستخدم كل الأطراف فى آن واحد.

بينما راحت مصر مرتكزة على ثوابتها السبعة (وحدة أراضى ليبيا - وحدة الجيش الوطنى - محاربة الإرهاب وتفكيك الميليشيات - ثروات ليبيا حق للشعب الليبى - رفض التدخل الأجنبى - تقرير مصير ليبيا حق للشعب الليبى - إعادة الإعمار ضرورة ملحة).

نقول ذهبت مصر بصفتها دولة مؤسسات تحترم الشرعية الدولية، بينما حضرت تركيا مندوبًا عن الميليشيات الإرهابية، ومعتقدة أنها قادرة على خداع كل الأطراف بمن فيهم الطرف الروسى الذى تواصلت من وراء ظهره مع الأوروبيين وتعهدت بقدرتها على تحجيم التمدد الروسى على الأراضى الليبية.

كل تلك التفاصيل تحدث فى ظل تراجع الاهتمام الأمريكى بالمنطقة وتوجهها نحو شرق آسيا بهدف إعادة التمركز والانتشار تحت ضغط الهاجس الأمريكى بخطورة صعود التنين الصينى.

 الأزمة تتشابك هنا مع تعقد خارطة المصالح، بينما تأتى مصلحة الشعب الليبى فى مؤخرة القائمة الدولية، فى الوقت الذى يمثل مصير الشعب الليبى وحقوقه هدفًا مصريًا وقيمة لا تعلوها قيمة. فى قمة برلين، وجد القادة أنفسهم أمام منطق العدالة المصرى بل ومنطق الإنسانية، بينما جاء أردوغان بهدف شرعنة وضع الميليشيات، معتقدًا أن الأوروبيين يمكنهم تجاوز ضمائرهم وأخلاقياتهم بشكل رسمى بالتوقيع على صياغة لوثيقة دولية يمثل أحد بنودها اعترافًا وشرعنة بميليشيات إرهابية!

قمة برلين انتهت ولم تجد أمام ضميرها وأخلاقها بل ومصالحها، إلا أن تصدر بيانها الذى بدا كما لو كان قد كُتب فى القاهرة وطبع فى برلين ليس لشىء إلا لعدالة القضية منذ البداية وشرعية مطالبها.

هناك فى برلين جاء الجميع متحدثًا باسم مصالحه وهو أمر منطقى، لكن مصر تعالت على حالة البراجماتية السياسية وقبضت على شرفها وصممت أن تكون مندوبًا للشعب الليبى.

 نجد أنفسنا هنا فى مواجهة سيناريوهات ما سيحدث بعد أزمة قمة برلين التى يصح تسميتها بقمة كشف الحقائق وليس قمة من أجل الحلول.. ستتجه الأمور إلى مايلى:

- نشوء خلاف روسى تركى بعد عملية الانكشاف وحرص كل طرف على ابتذال استخدام الآخر.

  - تصاعد الإرهاب التركى على أرض ليبيا 

- إبطاء تركى متعمد فى نقل المقاتلين من سوريا للضغط على الأعصاب الروسية. 

- جنوح تركى شكلى نحو الولايات المتحدة. 

- مراجعة أوروبية جادة لمصادر تمويل الإرهاب فى ليبيا.

 بجوار مصر كان الحضور الإماراتى فاعلا فى صحبة تعبر بوضوح عن مضمون التحالف العربى لصيانة الأمن القومى العربى.

أبناء زايد يتحركون بكامل إدراكهم لقيمة مصر وخطورة التكالب عليها أو التعامل مع الأزمة باعتبارها تهديدًا منفردًا لأمن مصر الحدودى.

تثبيت الموقف العربى الموحد فى أزمة ليبيا هو محطة تاريخية لحالة توحد عربى سيكون له تأثير على مستقبل الأمن القومى العربى طوال القرن الواحد والعشرين.