الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الرحمة فى زمن الكورونا

الرحمة فى زمن الكورونا

ما حدث فى إحدى القرى المصرية بمحافظة الدقهلية من رفض أهالى القرية دفن طبيبة أصيبت بفيروس كورونا  موقف يستدعى الانتباه والعظة والعبرة من التغير الذى حدث فى  طبيعة البعض من المصريين خاصة فى الريف البعيد تماما عن صخب الحياة فى المدن وعلى علماء النفس أن يحاولوا تفسير تلك الظاهرة التى نزعت من قلوب الناس الرحمة وأداء الأمانة ودفن الميت بعد أن صعدت الروح  إلى خالقها.



الموقف صادم بكل المقاييس ويستدعى معرفة أسباب رفض الناس فى قرية دفن ميت بصرف النظر عن الدين والجنس واللون .. لماذا نزع الله من قلوبنا  الرحمة وأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة .  الإسلام دين الرحمة ودين الإنسانية   ليس للبشر فقط وإنما الرحمة الشاملة الجامعة لكل الخلق ولنا فى رسول الله أسوة حسنة عندما مرت أمامه جنازة لشخص يهودى فقام النبى واقفا والصحابة جلوس ونظروا إليه نظرة تعجب من الموقف فرد عليهم صلوات ربى وسلامه عليه أولم تكن نفسا بشرية.. هذا الموقف إن دل على شىء إنما يدل على رحمة هذا الدين بكل خلق الله حتى إن عدد المرات التى ذُكرت فيها صفة الرحمة فى آيات القرآن مقابل غيرها من الصفات، يدلّ على ذلك  وقد وصل ذكر كلمة الرحمة فى آيات القرآن الكريم إلى ما يقرب من ثلاث مائةٍ وخمس عشرة مرةٍ، وهذا العدد هوالأكبر فى تكرار ذكر صفةٍ من الصفات فى القرآن كمّا أنّ كتاب الله جاء مُخبراً أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، إنّما جاء بالإسلام رحمةً للعالمين، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)،  فى إشارة إلى أنّ رسالة الإسلام الأولى، هى الرحمة ثم إنّ مظاهر الرحمة، وصورها فى التشريع الإسلامى كثيرةٌ جداً، منها الشفقة على الرعية ، وتجنّب ما يُمكن أن يشقّ عليهم، وهذا قد شاهدناه جميعا عندما مر الرئيس عبد الفتاح السيسى على أحد المشروعات الأسبوع الماضى ولاحظ أن العمال لا يرتدون أقنعة واقية أو كمامات تحميهم من الفيروس فى إشارة إلى خوفه عليهم وللحفاظ على أسرهم وأرزاقهم وبيوتهم المفتوحة .. كلمات الرئيس البسيطة فى هذه اللحظة كانت رسائل شديدة الوضوح وعميقة الأثر وكلها رحمة بهؤلاء العاملين فى ذلك المشروع .

عندما يدخل علينا رمضان وهوشهر الرحمة والرحمات من الله إلى أهل الأرض سنعرف قيمة الرحمة وقيمة النعم التى نرتع فيها ليل نهار أرجو أن يراجع الناس دينهم مرة أخرى فى ظل ما نحن فيه من بلاء كبير وفيروس خطير يضرب الناس فى كل مكان على وجه الأرض. 

إن الرحمة من الأخلاق السامية والصفات النبيلة، وهى من جملة المكارم التى حث عليها الإسلام وأمر بالتحلى بها؛ لما لها من الأهمية البالغة والمكانة الرفيعة، وتتجلى هذه المنزلة أن الله -جل فى عليائه- اتصف بالرحمة وكتبها على نفسه؛ كما قال فى كتابه العزيز: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).

وقد أخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أن الرحمن الرحيم يرحم الرحماء من عباده: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.

لذلك بنيت دعوة  الإسلام فى الأساس  على الرحمة والواجب على المسلمين أن يتحلوا بها حتى يتحقق لهم الإيمان الكامل؛ كما فى حديث عبدالله بن مسعود -رضى الله عنه- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: “لن تؤمنوا حتى تراحموا“، قالوا: يا رسول الله! كلنا رحيم، فقال: “إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة.

ما حدث من رفض الناس لدفن طبيبة الدقهلية يستوجب الجلوس مع  هؤلاء الناس وتعريفهم بالقيم الإنسانية قبل الدينية وحسنا فعلت الدولة من اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد البعض من مثيرى الشغب ومروجى الشائعات .. تحيا مصر .