الرسالة الأخيرة لشهيدة الواجب

هذه رسالتى إليكم من العالم الآخر عالم الرحمة عالم لا يعرف الكراهية والخوف والمرض.. عالم لا يعرف موت الضمير و قسوة القلوب.. كنت انظر اليكم وروحى النورانية تطفو فوق جسدى  المريض الفانى ممددا فى مواجهتكم  بينما كانت عين الروح تحدق فى وجوهكم وعيونكم الجاحظة المتأملة جسدى المتكفن بقداسة الموت  فى صمت عميق... جسد بلا حول ولا قوة رافضين فى صخب مقتحمين سكون روحى فى مشهد درامى محزن بلا شفقة او رحمة.. كنت انظر اليكم جميعا وانتم على قلب رجل واحد رافضين  منحى برهة من  ظلمة وتراب لتكون بيتى الأبدى.. التمس فيه الراحة لجسدى  المتعب من عناء المرض.. المرض الذى كان مهرأ  لمحبتكم وواجبًا نحو حمايتكم.. كنت انظر اليك والذكريات  تداعب روحى وتستدعى ما قدمته من أجلكم دون خوف أو أنانية.. كانت روحى تلملم شتات ذكرياتى  بعطف وحنو وكانت تضمنى بذراعيها النورانية الشفافة وكانت تداعبنى حتى لا تدمع عين روحى وتهمس فى اذنى لا تغضبى لقد منحتى من يستحقون الموت الحياة فكان لابد ان تستيقظى من غفوتك من هذا الحيز الضيق الذى اصبح لا يتسع لروحك الرحيبة الطاهرة... من أجل ذلك ابدلتك بجناحين تحلقين بهما فى الافق الواسع الممتد والكون الرحب النقى انتزعتك من زيف البشر وجحودهم.. بينما عادت روحى تنظر اليكم وتخاطب جمعكم .. أنا الذى الفظكم وارفض رحابكم.. فجسدى رغم صمته الابدى معجون بالكبرياء.