الإعلاميون فى عيدهم!
أعتقد اعتقادًا راسخًا - وبقناعة تامة - أن المجتمع المصرى فى المرحلة الحالية - خاصة فى ظل اجتياح فيروس «كورونا» - أصبح فى أشد الحاجة إلى الكوادر المؤمنة برسالة «الإعلام» ؛ فلم يعُد الإعلام - مقروءًا ًومسموعًا ومرئيًا - قاصرًا على بث الأخبار السياسية فى المجتمعات الدولية؛ أو نقل الأحداث الموَّارة فى جنبات الكرة الأرضية؛ فقد أصبحت هذه الأحداث تحت يد وسمع وبصر كل من يملُك « نافذة» يُطل منها على العالم فى لمسة «زر»! وليس بخافٍ علينا ماتبثه تلك الشبكات العنكبوتية بالكثير مما يخالف عقيدتنا السياسية والعقائدية وأعرافنا المجتمعية المستقرة؛ والتى تربَّت عليها الأجيال عبر تاريخنا العريق.
لذا.. أصبحت خبرات الكتائب والكوادر الإعلامية - صاحبة الضمير الوطنى - فى مصرنا المحروسة؛ مطالبة بالجهد المضاعف فى اتجاهات عدة: منها مواجهة ودحض الأكاذيب التى يتم بثها مغلفة بقشرة المكر والدهاء من القول المعسول؛ للحرب الموجهة لتحطيم جينات انتماءاتنا وهويتنا المصرية الأصيلة ؛ ومنها أيضا أهمية إعادة تشكيل وتطوير الإحساس الجمعى باستمرار؛ بما يتلاءم مع المستجدات فى الأحداث الجارية والسياسات القومية المعلنة؛ والعمل على مواكبتها أولا بأول؛ بحيث لا تترك فراغًا يعبث فى أرجائه العابثين بمقدرات الوطن وتوجهاته المخلصة؛ وليكون الإعلام الرسمى هو المصدر الصادق الذى تتكيء عليه الجماهير فى استقاء المعلومات والأخبار السياسية والمجتمعية.
وكان الإعلاميون طوال عهدنا بهم منذ انطلاق الإذاعة المصرية القومية فى العام ١٩٣٤؛ والاستغناء عن الإذاعات الأهلية المملوكة للأجانب من الإنجليز؛ مثالاً للإيمان العميق بسمُو تلك الرسالة؛ والتعضيد لها من خلال التأثر الشديد بثورة يوليو وتعظيمها فهى لم تقتصر على بث أفكارها بين الجماهير عبر موجات الأثير فقط؛ بل قامت بتعزيز دورالإعلام بتشييد صرح التليفزيون العملاق فى «ماسبيرو» فى العام ١٩٦١؛ وتعاهدت على العمل الدءوب لتنمية الكوادر التى اضطلعت بدورها الخلاق فى مسيرة الثورة المصرية؛ والتعريف بأهدافها بإزكاء جذوة الروح الوطنية الوثابة فى طلائع الشباب وبين الجماهير؛ هؤلاء الشباب الذين اجتازوا بمصر كل العوائق التى اعترضت مسيرتها.. وصولا إلى الانتصار العظيم فى أكتوبر ١٩٧٣؛ وما صاحبه من ظهور رجالات وسيدات فى الإعلام يشار إليهم بالبنان فى هذا المجال الحيوى الخلاق.
ومن منطلق إيماننا العميق برسالة الإعلاميين الشرفاء؛ لايسعنا إلا إزجاء جزيل الامتنان والتقدير لكل الذين يعملون خلف الميكروفون أو أمام الكاميرات أو من أصحاب الأقلام النزيهة المحبة للوطن فى الصحف القومية والخاصة؛ فإننا ونحن نحتفل للمرة السادسة والثمانين بذكرى «عيد الإعلاميين»؛ نقدر تمام التقدير صمود تلك الكتائب الإعلامية التى تخوض المعارك فى ظل «جائحة كورونا» التى لاتقل عن معارك جنودنا عل حدود الوطن؛ علاوة على المخاطرة بحياتهم لتغطية تغلغل «الفيروس» فى جنبات القرى والنجوع فى اقاصى الجنوب فى صعيد مصر ودلتاها فى الشمال؛ لنقل الصورة بأمانة؛ هذه الأمانة النابعة من الثقة بالرسالة الإعلامية ومدى تأثيرها على فكر وثقافة وتوجهات المجتمع؛ ليكون الظهير القوى المساند لكل القوى الوطنية الشريفة؛ ليكون الإعلام - بحق - رسالة والتزاما نابعا من الضمير الصادق اليقظ والواعى لكل المخططات التى تُحاك للوقيعة بين ابناء الوطن؛ ليظل دورهم فاعلا بجدية فى المقروء والمسموع والمرئى.
إذن.. لم يُعد دور هؤلاء الإعلاميين الرجال والنساء منهم على حد سواء قاصرا على تقديم البرامج والمسلسلات والتمثيليات الهادفة لصالح المجتمع؛ ولكن المسئولية تفرعت إلى مجالات الحياة كافة؛ ونعرف مدى التأثير الإيجابى على فكر الجماعة الشعبية؛ ومخاطبة كل فئة على قدر ثقافتها وتحصيلها الثقافى والعلمى؛ وتلك مسئولية لايجب أن يُستهان بها أو التقليل من شأنها؛ وكما قال صلاح عبد الصبور: الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور!!
فلنضع نصب أعيننا «الكلمات النور»؛ لتضىء دروبنا الحياتية؛ ولتحذو حذونا الأجيال الحالية والقادمة؛ فهى التى سيكون على عاتقها الخروج من كل الدروب المظلمة؛ وإشارة قاطعة لكل من تسول له النفس الأمارة بالسوء.. الاستهانة بمقدرات هذا الوطن.
ونحن _ بدورنا_ سوف نساند ونساعد كل الإعلاميين الشرفاء أصحاب الأقلام التى لاتحيد ابدا عن الحق والحقيقة؛ فهُم رواد كتائب العمل الخلاق لرفعة الوطن؛ والحصول على المزيد من الارتقاء برفاهية الوطن.. والمواطن.كما سنظل ندين لهم بالعرفان تجاه تفانيهم فى الاضطلاع بدورهم فى ظل أقسى الظروف فهى بحق مهنة المتاعب لكن هم لها يتصدون ويضحون ويقفون على عتبات الموت يصدرون صدورهم لتلقى الضربات لكنهم أبدا لايفرطون فى حق الوطن ولا سلامة مواطنيه حفظهم الله من كل مكروه فهم حماة وجنود يلبون نداء الواجب أينما وجدوا وتحت وطأة أية مخاطر كانت فلهم محبتنا وتقديرنا ودعواتنا، ونخص بها اليوم من سقط فى براثن الوباء اللعين، فلنتضرع إلى الله سبحانه بأن يمن عليهم بالشفاء العاجل ليعودوا إلى استكمال مشوارهم فى خدمة الوطن. أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعى بأكاديمية الفنون