الخميس 14 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ما يلفظ من قول 2-2

ما يلفظ من قول 2-2

فى المقال السابق بدأنا الحديث عن تدوين الأقوال والأفعال «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» (ق:18)... ثم تطرقنا إلى حفظ الملفات فى عصر ما قبل الحواسب الآلية مرورا ووصولا إلى شبكات التواصل الاجتماعى والتى أصبحت تضاهى الحياة العادية فى الخطورة والعقوبة القانونية أيضا وهو أمر ما يزال لا يراه الكثيرون بالدرجة الكافية وبالاهتمام المطلوب.



ولكن مع انتشار القوانين التى تنظم الفضاء الإلكترونى صارت عمليات السرقة والتدمير والابتزاز والسب والقذف وغيرها من الجرائم محدد لها عقوبات كبيرة لا تختلف كثيرا فى شدتها عن قوانين العقوبات فى الأمور المادية.... صار للأدلة الرقمية نفس حجية الأدلة المادية... حيت يتم استبدال البصمة والمسدس أو السكين بحساب الفيسبوك وجهاز الحاسب ووحدات التخزين والفلاشات... إلخ. حتى الآراء الشخصية أخذت أبعادا جديدة... فى الماضى كان من الممكن أن تدلى برأيك الشخصى إلى مجموعة محدودة من الأصدقاء أو الأقارب وذلك فى جلسات محدودة.... قد ينقل أحد الأصدقاء هذا الرأى إلى عدد آخر محدود من الأصدقاء ثم فى الغالب ينتهى الأمر... لم يكن متاحا لك أن تقتحم أحد استديوهات التليفزيون أو الإذاعة لتقوم ببث هذا الرأى عبر الأثير إلى جميع المواطنين.... حتى بعض هذا الآراء الشخصية لمن كان متاحا لهم بثها عبر تلك الوسائل قد أحدثت نوعا من الحرج.... أتذكر قيام الأستاذ مفيد فوزى يوما ما بالإدلاء برأيه حيث أشار إلى أن «الإبداع رجل» مما أثار عليه الجنس الناعم كله وهو أمر عالجته زوجته الأستاذة آمال العمدة بعدها بأيام وفى نفس البرنامج التليفزيونى أيضا. الأيام القليلة الماضية حملت للمدير الإقليمى لإحدى شركات الأدوية العالمية موقعة تظهر أهمية وقوة الكلمة وتأثير شبكات التواصل الاجتماعى... فالسيدة كتبت عبر حسابها الشخصى على موقع الفيسبوك رأيها الشخصى  عن موضوع الأطباء ومكافحة وباء كورونا... وبالرغم من أن الرأى لا يمكن اعتباره هجوما أو انتقاصا من دور أو قدر الأطباء إلا أن حملة كبيرة من عدد من الأطباء اتجهت نحو الشركة المنتجة وذلك بالتوقف عن كتابة أنواع الأدوية التى تنتجها الشركة فى حملة مقاطعة لم يشفع لها اعتذار السيدة أو الشركة واستمرت حتى تم تغييرها وتعيين مدير إقليمى جديد للشركة.

وبغض النظر عن الحكم على الموقف والتصريحات والنوايا وردود الأفعال وما انتهت إليه الأمور حيث إن الحديث فى هذا الشأن سيفتح بابا لا ينتهى من الجدل فى أمر ليس هو المقصود من كتابة المقال على الإطلاق إلا أن الهدف والغرض من ضرب هذا المثال هو للانتباه... أن ننتبه إلى كل ما نقول ونفعل... ننتبه إلى الخلط المقصود أو غير المقصود بين الأمور المختلفة وأن ننتبه إلى هذا الملف الكبير الذى يتم حفظه إلكترونيا ويمكن استرجاع ما به بعد سنوات وسنوات لتحقيق مصلحة أو لإلحاق أذى.

تغريدة: أكبر أرشيف فى تاريخ البشرية موجود منذ خمسة عشر عاما على الأقل ومستمر فى النمو.