الشرطة والقوات المسلحة.. وجهان لعملة الحماية لمصر
سيهل علينا عيد الأضحى المبارك وسيظل رجال الشرطة والقوات المسلحة يمارسون عملهم فى توفير الأمن والحماية لمواطنى هذا الشعب بكل التفانى والإخلاص فى حين ننعم نحن بقضاء عطلة العيد مع أسرنا بفضل الإحساس بالطمأنينة بفضلهم..وبعيدا عن المغرضين كل الرجاء ألا ننساق وراء من يتخذ من بعض التصرفات السلبية لقلة لا تذكر من رجال الشرطة، ذريعة للهجوم عليها والتنكيل بها، فلكل قاعدة شواذ، وكل مهنة بها البعض ممن يشذ عن السياق العام بتصرفات فردية محضة، لا يجب أن نجعلها تنسحب على الجميع، لنوصم كل مهنة بالخارجين على أصولها فى كل مجال، هيا لنجعل التكريم لرجال الشرطة فى كل أيام العام، وليس مقصورًا على احتفالية لذكرى معينة فى يوم معين، فرجال الشرطة معرضون فى كل لحظة للخطر، ونحن ننام ملء الجفون وهم يسهرون لحمايتنا وحماية الأرض والعرض ويتساقطون شهداء بفعل الرصاص الغادر ثمناً يدفعونه بخسا عن طيب خاطر فداء للوطن، من منَّا لا يذكر دور« ضابط الشرطة» الذى قدمه الفنان القدير يوسف وهبى فى فيلم «حياة أو موت»، عندما أصيب رجل بأزمة وأرسل ابنته لشراء الدواء لكن الطبيب يكتشف بأن الدواء الذى باعه هو سم قاتل، ليساعده ضابط الشرطة «يوسف وهبى» فى العثور على الرجل قبل أن يتعاطى الدواء، فأصبح الفيلم علامة بارزة وأكليشيه من أكلشيهات السينما المصرية، لتعظيم دور رجل البوليس وتصديه للمواقف الإنسانية، وخرجنا منه بالعبارة الشهيرة التى لايزال المصريون يرددونها، والتى تم توجيهها عبر «الراديو»: «إلى الساكن فى دير النحاس لا تشرب الدواء.. الدواء به سمٌ قاتل» ! ومع التطورات المجتمعية فى الواقع المصري، اتخذ دور رجل البوليس منحى آخر فى حياتنا وابرزته السينما المصرية، بعدما اشتدت الحملات الصحفية على الإضاءة على تقزيم دور رجل البوليس، وانحساره وقوقعته فى الوصول فى اللحظات الأخيرة، والقبض على المجرمين بعبارة : «اقبض عليهم ياعسكري» .. مع كلمة «النهاية» وإضاءة أنوار الصالة، كإشارة لانتصار الخير على الشر فى نهاية الأحداث. وخروجًا على هذا الإطار، قدمت السينما المصرية نماذج قوية لشخصية ضابط الشرطة؛ كانت السبب الرئيسي فى حب البعض لهذه المهنة، أو سببًا لابتعادهم عنها ونفورهم منها، كما حدث فى فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس» كإسقاط على مدى بشاعة الحقبة البوليسية فى فترة من فترات حكم مصرفى فترة السبعينيات من القرن الماضي، والإضاءة على استخدام القمع والتعذيب لكل المساجين أصحاب الرأى والقلم . ولكن .. يظل الكوميديان الرائع «إسماعيل يس» ؛ خالدًا فى الأذهان ولا يعترينا الملل من مشاهدته والتفاعل معه، فى أدواره المحفورة فى وجداننا كرجل بوليس، خاصة فى سلسلة تحمل اسمه مقرونا به: «إسماعيل يس فى البوليس»، «إسماعيل يس فى البوليس الحربي»، «اسماعيل يس بوليس سري»، ولم ينس أيضًا القيام بتعظيم رجل «القوات المسلحة» فى أدواره العديدة فى الجيش والأسطول، كوجه ثانٍ لتعظيم دورالرجال حماة الوطن من كل الخطوب؛ داخل الوطن وعلى حدوده المقدسة . وللحقيقة والتاريخ لم تقف السينما المصرية مكتوفة الأيدى أمام رجل البوليس الإنسان؛ الذى تتحكم فيه النفس الأمَّارة بالسوء، وإلقاء الضوء على تجاوزات النفس الإنسانية وانصياعها لشهوة السلطة والقمع والقهر حتى على بنى جلدته من المصريين، فجاء فيلم «هىَّ فوضى» كنبوءة سينمائية أُنتجت فى العام 2007 ؛ لثورة الشعب وانتفاضته ضد السلطة فى يناير 2011، فكان رجل البوليس الفنان «خالد صالح» رحمة الله عليه؛ والذى قام بتوظيفه المخرج العبقري«يوسف شاهين» هو يد السلطة التى تبطش بأصحاب الفكر؛ للوصول إلى تحقيق المآرب الشخصية فى عالم الجنس والمال والتسلط اللامحدود فى البلاد والعباد . ويمكننا القول إن السينما بهذا التجسيد الرائع لتلك الفترة المظلمة من حكم مصر؛ تفوقت على مقولة: «اعطنى مسرحًا وخبزًا أعطيك شعبا عظيما »؛ وهى مقولة مهمة جدًا، تنسب إلى وليام شكسبير؛ لنعيد تركيب الجملة من جديد لنقول على لسانى : « اعطنى سينما جادة .. أعطك شعبًا أكثر من عظيم»، لأن السينما هى مرآة المجتمع على الدوام، وهى الدفة لحركة سفينة المجتمع فى بحار العالم المتلاطم الأمواج من المشاكل والحروب، والتطلعات إلى الاحتلال الفكرى والثقافى للشعوب المغلوبة على أمرها، فكان لابد للسينما الجادة أن تمسك بالدفة للخروج والهروب من العثرات فى جبال الثلج القابعة تحت سطح المجتمع الدولى الموَّار بكل التفاعلات المضادة . ولقناعتى بأن الفن لابد أن يعكس واقع الفرد والمجتمع وأحلامهما معًا؛ بل وتطلعاتهما إلى ضرورة وجود صورة توثيقية أو وثائقية لحال المجتمع فى فترة «ما» من الفترات؛ لتجسيد الطموحات والآمال العريضة التى يحلم بها الإنسان كـ «لبنة» فى بناء صرح المجتمع، كان لى شرف الإشارة بمقالٍ سابق لى عن دور رجل البوليس فى فيلم «الخلية»؛ والدور البطولى الذى قام به الفنان «أحمد عز» جسد فيه دور رجل البوليس الذى ينتقم لاستشهاد صديقه، ويخوض كل المعارك من أجل هذا الهدف الأسمى فى الحياة ولعل من مفارقات القدرأن النقيب عمرو صلاح الذى استشهد خلال الاشتباكات المسلحة فى جبال الواحات بالجيزة؛ وهو من خريجى دفعة 2012 بكلية الشرطة، والتحق بقطاع العمليات الخاصة؛ وكان من الضباط الأكفاء فى هذا القطاع، أنه كان ضمن الضباط المشاركين فى فيلم «الخلية»، حيث أكدت مصادر أن الشهيد عمرو صلاح، ظهر فى أكثر من مشهد فى الفيلم، حيث كان يقوم بالتدريب بجوار أحمد عز وجمع بينهما أكثر من مشهد . أتمنى أن أكون قد أحسنت الإضاءة على دور «رجل البوليس» فى الواقع المصرى ؛ من خلال استعراض أمثلة ضئيلة من تضحيات هؤلاء الرجال العظماء، الذين يسهرون على حماية جبهتنا الداخلية؛ وحدود مصر مع رجال القوات المسلحة يدا بيد،ولا ننسى فيلم «الممر» ومسلسل «الاختيار» وماجسداه من عظيم دور قواتنا المسلحة ورجالاتها البواسل فهم ـ بحق ـ وجهان لعملة الحماية لمصرنا المحروسة فى كل العصور . تحية إجلالِ وتقديرلهؤلاء الرجال ولعزيمتهم التى لاتُقهر ولسيفهم البتَّار الذى لاينكسرمهما تكأكأت علينا قوى الشر والبغى والعدوان . وتحيا مصرنا المحروسة برجالاتها الأقوياء وقيادتها الوطنية .وكل عام ومصرنا المحروسة فى أعياد وانتصارات وقهر لكل التحديات..آمين. أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعى بأكاديمية الفنون