الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قوة الردع وسياسة السلام

قوة الردع وسياسة السلام

استمع العالم إلى الصوت المصرى من خلال مبادرة إعلان القاهرة وجاء الإعلان الأخير بين طرفى النزاع فى ليبيا على موعد مع وقف إطلاق النار على أحد أهم المحاور الاستراتيجية على حدودنا الغربية.. المواقف الحاسمة للقيادة السياسية نزعت فتيل حرب طاحنة كانت تريد أن تأكل الأخضر واليابس داخل الأراضى الليبية وأثبتت وجهة النظر المصرية للجميع أن الحزم والحسم والإرادة القوية دائما تكون سببا فى وقف نزيف الدماء وهدم مقدرات الشعوب خاصة فى ليبيا وعلى المحور الاستراتيجى الغربى  ولولا الخطاب الشهير للرئيس السيسى فى المنطقة الغربية منذ شهرين تقريبا  بأن هناك خطا  أحمر لن تسمح مصر أن يتجاوزه أحد ويعتبر تجاوزه تهديدا للأمن القومى المصرى.. هذه الرسائل التى سمعها العالم وسمعتها كل الأطراف فى ليبيا بوضوح شديد وبطريقة مباشرة قائلا للجميع فى رسائل خاطفة لمن يريدون التدخل فى الشأن الليبى،إن أمن واستقرار ليبيا لا يتجزأ عن أمن واستقرار مصر والأمن القومى العربى وأننا نطالب بوقف إطلاق النار الفورى وتطبيق مبادرة إعلان القاهرة وأن مصر سعت منذ البداية لأمن ليبيا ومنع التدخلات الأجنبية غير الشرعية ويخطئ من يظن أن حِلمنا ضعف وصبرنا تردد لأن عقيدة الجيش المصرى وثوابته عدم الاعتداء على الآخرين وأن جاهزية القوات المسلحة المصرية للقتال صارت أمرا ضروريا وأن التدخلات غير الشرعية فى منطقتنا تسهم فى انتشار الإرهاب، وأن أى تدخل مصرى فى ليبيا يهدف لتأمين الحدود وحقن دماء الشعب الليبى ومصر حريصة على التوصل إلى تسوية شاملة فى ليبيا وليس لنا مصلحة إلا أمن ليبيا وأن تجاوز سرت والجفرة خط أحمر لسنا غزاة ولن نكون وليس لدينا أى أطماع فى ليبيا وأى دخول إلى ليبيا يجب أن يتم تحت راية القبائل. 



إلى هنا انتهت الرسائل القوية للدولة المصرية أعقبها اتصالات واسعة بكل القوى الإقليمية والدولية لكى تعى جيدا بأن مصر دولة من طراز فريد تحكمها مبادئ وقيم أخلاقية ومواثيق شرف تتعامل بها مع الدول والشعوب فى الشرق والغرب.  ذكرنى قرار وقف إطلاق النار فى ليبيا بالمواقف الشجاعة للدولة المصرية وتصريحات الرئيس السيسى نهاية العام الماضى عند تسليم رئاسة الاتحاد الإفريقى عندما أطلق مبادرة إسكات البنادق فى إفريقيا بداية هذا العام وما أشبه اليوم بالبارحة وها هى الجهود المصرية تكلل بالنجاح فى ليبيا بعد أن أيقن الجميع أن مصر  القوية فى ٢٠٢٠ ليست مصر المنهزمة فى ٢٠١١ وقد استطاعت دولة ٣٠ يونيو بالسياسة تارة وبالشدة تارة أخرى أن توقف حربا عالمية جديدة كانت واقعة لا محالة فى المنطقة بدايتها على الأراضى الليبية تأكل ما تبقى من أرض وشعب وثروات هذه الدولة الشقيقة. 

مصر بحنكتها السياسية وقوة الردع التى ظهرت بها خلال السنوات الثلاث الأخيرة تؤكد للجميع أننا على الطريق الصحيح وأن نظرية الردع فى هذا الزمان تكون فى أغلب الأحيان أساسا راسخا لجلب السلام. 

اعتقد أن جميع الأطراف الرئيسية فى الأزمة الليبية أدركوا أن الخسائر لن تعد ولا تحصى إذا ما استمر إطلاق النار بين الفصائل المتناحرة وأن القوى الخارجية لا تحمل معها غير الشر والدمار والخراب وكلها تصب فوق رأس الشعب الليبى الشقيق ودخوله فى نفق مظلم وينتظره، مصير مؤلم لسنوات لا يعلم مداها غير الله.. نجحنا فى غلق أحد أبواب الشر التى حاولت فرض نظرية الأمر الواقع بالقوة وأفشلنا مخططا كبيرا كان ولا يزال يحاول وقف قاطرة التقدم والاستقرار والازدهار فى مصر واعتقد أن دولة ٣٠ يونيو لن تهدأ ولن تغمض لها جفن حتى تنتهى من نزع الفتائل من باقى القنابل الموقوتة التى تحاول عبثا محاصرتنا.  تحيا مصر