الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدولة والمصالحات وحقيقة القضية

الدولة والمصالحات وحقيقة القضية

حسنا فعل الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أن اقتحم الألغام والصعاب الخاصة فى ملف المصالحات والتعديات على الأرض الزراعية.. الملف شائك وحساس وأخطر قضية شائكة شغلت الرأى العام وكل البيوت المصرية فى القاهرة وفى المحافظات والقرى والكفور وحتى النجوع البعيدة فى أقصى صعيد مصر مرورا بمحافظات الوجه البحرى.



قضية التعدى على الأرض الزراعية ليست وليدة اليوم وإنما هى نتاج عشرات السنين بسبب زيادة الكثافة السكنية والزحام فى المدن والقرى  وضيق الأحوزة العمرانية وثقافة الفلاحين الطيبين وضرورة أن يتزوج الابن ويسكن بالقرب من أسرته وفى أرضهم الزراعية من هنا جاءت التعديات على آلاف من الأفدنة الزراعية والصالحة للزراعة ومن أجود أرض الدلتا الخصيب فى الوجه البحرى والقبلى إلى أن جاءت نكسة يناير ولن أقول ثورة حيث عشت تفاصيل هذه الفترة ورصدت ووثقت الكثير من المشاهدات اليومية لهذه المرحلة العصيبة فى عمر هذا الوطن لا أريد أن أخرج عن صلب الموضوع ولكن ثورة يناير كانت أحد أهم الأسباب الرئيسية فى ضياع الرقعة الزراعية وما تم من تعديات خلال عام ٢٠١١ و٢٠١٢ يندى لها الجبين أنا شخصيا كانت أمامى فرصة عظيمة أن ابنى على الرقعة الزراعية دون النظر للوحدة المحلية أو المركز أو الزراعة وكان فى استطاعتى الحصول على كل المرافق دون تعب أوجهد أو حتى دفع ربع ما يتم دفعه الآن فى وقتنا الحاضر. 

هذا ما فعله الكثير من المصريين فى كل المحافظات حتى وصل الأمر أن بعض الناس كانت تبنى فدانا كاملا فى يوم وليلة محلات على الأرض الواقعة بجوار الطرق الرئيسية أو كما نسميها نحن فى الريف الزراعية.. الدولة كانت ضعيفة لم تستطع الأجهزة التنفيذية وقف هذا النزيف وهذا التجاوز على الأرض الزراعية وكل مصرى فعل هذا الأمر ضر معظم الفلاحين الفقراء أصحاب المساحات القليلة من الأرض الزراعية وتسبب فى رفع سعر القيراط من ٣٠ ألف جنيه إلى مائة وخمسين ألفا وبحسبة الفلاحين فإن فدان الأرض يأخذ خدمة وريا وزراعة وسمادا وتعبا وجهدا طوال العام ولا يأتى بشىء. أما تبوير هذا الفدان وإقامة عمارة سكنية أو محلات تجارية أوحتى بيع الفدان وهو ٢٤ قيراطا  كل قيراط يبدأ من ٧٠ ألفا وحتى ١٢٠ ألفا وفى قرى أخرى وصل سعر القيراط إلى أكثر من ١٥٠ ألف جنيه ويعد ذلك مكسبا للفلاح أو صاحب الأرض الزراعية فقد حصد الملايين دون تعب وجهد ومرمطة فى الأرض الزراعية طول السنة.. هذه هى الحقيقة المرة التى لم تخل قرية مصرية منها أيام ٢٠١١ وما بعدها ببضع سنوات قليلة ناهيك عن فساد الوحدات المحلية فى كل المحافظات دون استثناء لدرجة أن موظفى بعض المحليات فى الأحياء والقرى  حصدوا الملايين من الرشاوى حتى أننى كنت أسمع البعض وهو يقول: إن نهرا من الأموال يتدفق علينا يوميا من أصحاب العمائر وأصحاب الأراضى الزراعية بعد أخذ الموافقات لكل مبنى أقيم على الأرض الزراعية وتم توصيل كافة المرافق إليه كهرباء ومياه وصرف صحى على حساب الدولة هذه هى القصة بوضوح شديد للرأى العام وصاحب القرار ناهيك عن أباطرة الاستيلاء على أراضى الدولة وأراضى الوقف بالرشاوى وبالأوراق والأحكام المزورة.

إذن نحن أمام قضية صعبة للغاية لم يستطع أحد الاقتراب منها غير الرئيس عبد الفتاح السيسى كان مقصده عودة حقوق الدولة والشعب من هؤلاء الجبابرة الذين دفع بعضهم مليار جنيه للتصالح.. جاء القرار الأخير للدولة بوقف التعدى على الأرض التى نأكل منها فغضب الناس فى كل مصر وأصدقكم القول إن الأغنياء لم يشعروا بشىء وهم على استعداد لدفع المليارات  لتقنين أوضاعهم حاليا ولكن المشكلة فى الفقراء الذين باعوا كل ما يملكون من أجل أربعة جدران تحميهم وأولادهم من برد الشتاء ولهؤلاء كانت التوجيهات الرئاسية إلى رئيس مجلس الوزراء بوقف الإزالات وتقنين الأوضاع للفلاحين البسطاء إلى ٥٠ جنيها للمتر فى كل القرى والعزب والنجوع ومن هناء انتبهت الدولة وشعرت بالناس من خلال قرارات رئيس مجلس الوزراء وأغلقت الباب فى وجه الإعلام المعادى الذى لعب على هذه القضية طوال الشهور الماضية وبإذن الله لن تقوم نار للخونة فى هذه الدولة مرة أخرى. تحيا مصر