الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أرواح طاهرة .. ودماء ذكية

أرواح طاهرة .. ودماء ذكية

من جُرِح جرحًا فى سبيلِ اللهِ جاء يومَ القيامةِ ريحُه كريحِ المسكِ ولونُه لونُ الزَّعفرانِ عليه طابعُ الشُّهداءِ ومن سأل اللهَ الشَّهادةَ مخلصًا أعطاه اللهُ أجرَ الشَّهيدِ وإن مات على فراشِه.. الشهادة فى سبيل الله كانت أمنية ضباط وجنود جيل أكتوبر العظيم، هم البواسل فى حرب العاشر من رمضان.. انتهت الحرب وانتصرت مصر وحطمت كبرياء العدو الإسرائيلى الذى يحاول تزوير تاريخ هذه المعركة  العظيمة التى نسفت كل النظريات العسكرية عن خط بارليف وأسطورة الجيش الذى لا يقهر. 



ذكريات الحرب وتضحيات الشهداء يجب أن تسلم من جيل نصر أكتوبر إلى الأجيال الحالية حتى يتعلم ويعى الشباب المصرى ماذا قدم الآباء والأجداد حتى تسترد مصر كرامتها وأرضها من يد المعتدين وحتى نظل على موعد مع الشهادة فى سبيل الله من أجل حماية أرضنا وحدودنا على مر التاريخ  من عصر الفراعنة العظام الملك أحمس الأول وتحتموس الثالث ورمسيس مرورا بالسلطان صلاح الدين الأيوبى وبالرئيس الشهيد أنور السادات بطل الحرب والسلام وداهية العرب الذى استطاع أن يهزم العدو الإسرائيلى بالحرب وبالسلام. 

حالة الميوعة التى انتشرت بين أطياف الشباب العربى وما نراه على مواقع السوشيال ميديا من انسياق الشباب وراء الأغانى «الهابطة» وبيوت الموضة «المُرقعة» تدعونا إلى ضرورة أن لا نغفل عن تبصير الأجيال الجديدة بأهمية معركة أكتوبر وتضحيات الشهداء التى روت دماءهم الطاهرة رمال سيناء. 

وقد اختصّ الله سبحانه وتعالى الشهداء بأحكام لا يشاركهم فيها غيرهم، والحديث هنا حول شهداء المعركة الذين يموتون بمواجهة العدو دفاعا عن الأرض والعرض، فهؤلاء لا يُغسَّلون، ويُكفَّنون فى ثيابهم التى استشهدوا فيها، ويُستحَبّ أن يتم تكفينهم بثوب أو أكثر فوق ثيابهم التى استُشهِدوا فيها، ووليّ الأمر مُخيَّر بين أن يصلى عليهم صلاة الجنازة أو يتركها، والأفضل أن يصلّيها، والسُّنة أن يُدفَنوا فى ذات المكان الذى استُشهدوا فيه، فهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شهداء بدر وأُحُد، وقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم الحِكمة من عدم تغسيل الشهيد بقوله فى شهداء أحد: (لا تُغسِّلوهم، فإنَّ كلَّ كِلْمٍ أو جُرحِ دمٍ يفوحُ مِسكًا يومَ القيامةِ)، فالحديث يبيّن أنّ دم الشهيد وجراحه تفوح برائحة المسك يوم القيامة وهذا ما شاهدناه فى عام ٢٠٠٢ عند استخراج جسد الشهيد اللواء أحمد حمدى وبعض جنوده من منطقة النفق إلى مقابر شهداء الجيش الثالث حيث أقسم من حضروا هذه الواقعة أن جسد الشهيد خرج  كما هو بشحمه ولحمه وكأنه استشهد من ساعات قليلة رغم مرور ما يقرب من ٣٠ عاما على استشهاد هؤلاء الأبطال. 

وبالحسابات الاستراتيجية والمفاهيم والخطط العسكرية يرى خبراء الحرب وقتها  أن دخول مصر هذه المعركة بمثابة انتحار وضياع أرض سيناء إلى غير رجعة واحتلالها من جانب العدو قرونا طويلة.. ولكن إرادة الله وأرواح الأولياء والصالحين فى هذا الوطن كانت لهم كلمة أخرى عندما أخبر الإمام عبدالحليم محمود شيخ الأزهر بشارة النصر للرئيس السادات وأخبره أنه شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامه يعبر القناة إلى الضفة الشرقية  مع الجنود راكبا فرسه حاملا راية كتب عليها الله أكبر وصدقت الرؤية وانتصرت مصر بجنودها البواسل وقيادتها الأبطال رحمة الله عليهم جميعا. 

يتوقف التاريخ الحديث  وعلوم الحرب  العسكرية طويلا عندما يذكر الراحل الشهيد الرئيس محمد أنور السادات ويتوقف اليوم كل الخبراء والمحللين عند القرار المصرى للحرب وللسلام والذى أصبح بما لايدع مجالا للشك أن هذا الوطن وجيشه وقائده كان فى معية الله والأولياء وكرامات الصالحين التى تخترق الحجب وتصنع المستحيل.. عاشت مصر واحة للسلام وعاش جيشها حام لحدودها قاهرا وقادرا على قطع كل يد من تسول له نفسه فى يوم من الأيام مس ترابها وشعبها بسوء.. تحيا مصر.