الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كيف نفكر؟

كيف نفكر؟

التفكير عملية ذهنية مركبة يصعب وضع تعريف لها بقدر صعوبة مكنونها، وإن كان يمكن القول بأنها عبارة عن نشاط عقلى تلقائى غير مرئى وغير ملموس خاص بالدماغ يتميز به شخص عن آخر، كما يمكن القول بأن هناك طرقًا للتفكير قد نجد أنفسنا - سواء بإرادتنا أو تلقائيًا- نعتنق إحداها، فهناك من يغلب على تفكيره الابتكار وهو ذلك الشخص الذى ينتقل من فكرة إلى أخرى ليصل إلى فكرة مبتكرة، كمن يعبر جدولًا مائيًا فيلقى حجرًا كبيرًا فى الماء ليضع قدميه عليه لينقله إلى الجانب الآخر، فالمبتكر هو ذلك الشخص الذى يستخدم فكرة مثيرة لتوصله إلى فكرة أخرى، وهو الذى يقول لك أين تتجه، فالمبتكر يتخطى الأحكام العقلية التى يمكن أن تكبله ويثبت أن الحلول القائمة ليست الوحيدة، وهو بذلك يختلف عن الشخص العقلانى الذى يقول لك يجب أن تفعل أو لا نفعل كذا طبقًا للمنطق، فالشخص المبتكر هو ذلك الشخص الذى يبحث عن البدائل .. وهناك من يغلب على تفكيره النقد وإبراز السلبيات وهو ليس دائمًا بالشخص السيئ طالما حسنت نواياه، فالتفكير النقدى المبنى على الحقائق يبرز الأمور من كافة جوانبها، ومع ذلك فهناك من يسىء استغلال التفكير النقدى عندما لا تكون نواياه حسنة ويسعى إلى التفوق السريع  أو تحقيق مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة أو على حساب الآخرين، فيقوم بتوجيه أسهم النقد بغية إثارة الانتباه دون تحرى الصدق أو مراعاة لقواعد النقد التى يمليها القانون أو اللياقة.. والواقع أنه فى زماننا هذا الكثير يحبذ التفكير النقدى لكونه أسهل الطرق للوصول إلى انتباه الآخرين دون مشقة أو جهد على خلاف التفكير البناء الذى يستغرق جهدًا ووقتًا.. وعلى خلاف ما سبق هناك من يرى أن الحقائق المجردة الحيادية دون أى إضافة أى صبغة هو المنهج  الأصح فى  التفكير، باعتبار أن الحقائق والمعلومات  سوف تصل حتمًا إلى نتائج موضوعية مجردة  فهو لا يسعى إلى التفكير النقدى أو التفكير الابتكارى إلا إذا ولد تلقائيًا من رحم الحقائق، فصاحب هذا الاتجاه يعتبر المعلومات أو الحقائق الثابتة كافية للوصول إلى النتائج المبتغاة، ولاشك أن لهذا الاتجاه ما يميزه عن غيره هو الآخر .. وهناك من يرى أن التفكير لا يمكن أن يكون إلا إذا كان مقترنًا بالمشاعر والعاطفة باعتبار أن المشاعر قاسم مشترك للتفكير الكلى للإنسان، ولا يمكن تجاهلها، ولكن يلاحظ أن معتنقى هذا الاتجاه يميلون عند تعاملهم مع الآخرين إلى التخمين، فالعاطفة عندما تعانق الفكر تعد سببًا قويًا لميلاد الحدث أو التخمين، وأخيرًا هناك من يميل إلى استخلاص الأفكار الإيجابية من الأحداث السلبية وهو اتجاه يعكس اتقاد ذكاء أصحاب هذا الاتجاه، فهم يرون الجوانب غير الواضحة التى لا ينتبه إليها غيرهم.. وعلى كل حال فلكل منا طريقته فى التفكير؛ ولكن الحقيقة أننا يمكن أن نفكر بكل الطرق السابقة إلا أننا غالبًا ما نميل إلى إحداها ونتخذه منهجًا لتفكيرنا، فالأمور المخيرين فيها تشكل قوة ولكن هذه القوة يمكن تطويعها بأفكارنا..فإذا عزمنا على تغيير هذا المنهج الذى نرتضيه لأنفسنا فى التفكير؛ فالثابت أن ذلك لا يتم بسهولة ولكن غالبًا ما يسبق ذلك حالة من التخبط والشك .. فكما يقال الأزمات تصنع المعجزات.