الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
متحف الحضارة وبقيع مصر

متحف الحضارة وبقيع مصر

نواصل سلسلة من المقالات المتعلقة بالحضارة المصرية وما قامت به دولة 30 يونيو على مدار عدة سنوات استطاعت خلالها إعادة اكتشاف المخزون الاستراتيجى للآثار والحضارة الإسلامية والفرعونية القديمة وفتح العديد من المتاحف الأثرية على مستوى الجمهورية ومن المتاحف الواعدة خلال الفترة المقبلة المتحف القومى للحضارة المصرية وهو أحد أهم المشروعات القومية التى تتبناها الدولة، ويعد من أكبر المتاحف العالمية والمتحف الوحيد من نوعه فى مصر والعالم العربى والشرق الأوسط وإفريقيا، حيث يضم كل مظاهر الثراء والتنوع التى تمتعت بها الحضارة المصرية خلال مختلف العصور بدءًا من عصور ما قبل التاريخ وحتى وقتنا الحاضر وسيضم بين جنباته آثارًا نادرة جدًا، ومن المنتظر افتتاحه بعد نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير لمكان عرضها الدائم بمتحف الحضارة كما ذكر الموقع الرسمى للهيئة العامة للاستعلامات.



المنطقة التى يقع بها المتحف منطقة فريدة من نوعها وهى مدينة الفسطاط وقد  أسسها عمرو بن العاص سنة 640 كأول عاصمة فى الحقبة الإسلامية المصرية فى وسط القاهرة على طريق الأهرام والتى تحتوى على صروح ومواقع أثرية بارزة بما فيها قلعة صلاح الدين وجامع عمرو بن العاص ومنطقة بقيع مصر وبها يرقد الكثير من أعلام الصحابة والأولياء منهم السيدة نفيسة رضى الله عنها وسيدنا عقبة بن عامر الجهمى والسيدة رابعة العدوية  والإمام الليث بن سعد وسيدى بن عطاء الله السكندرى والإمام أبو ذر الغفارى رضى الله عنهم جميعًا والكنيسة المعلقة وكنيسة بن عزرا اليهودى.. بعد أن زرت فى هذه المنطقة التى تحتاج كلها إلى التطوير لتصبح أحد أكبر المزارات الدينية والروحية فى العالم العربى اعتقد أن الحكومة والتعليمات الرئاسية لن تتوقف عند متحف الحضارة فقط وإنما ستنال هذه المنطقة ما تستحقه من التطوير خلال الأعوام المقبلة بإذن الله.           

فكرة إنشاء متحف الحضارة تعود إلى عام 1982 عندما قامت منظمة اليونسكو بالإعلان عن حملة دولية لإنشاء المتحف القومى للحضارة ومتحف النوبة بأسوان، وفى عام 1999 تم اختيار الموقع الحالى لمتحف الحضارة بالفسطاط، وتم عمل الحفائر الأثرية بموقع المتحف فى الفترة من 2000 حتى2005، وتم وضع حجر الأساس لمبنى المتحف فى عام 2002.

تبلغ مساحة المتحف نحو مساحة 33.5  فدان منها 130 ألف متر مربع من المبانى، ويتوقع أن يضم المتحف 50 ألف قطعة أثرية من مختلف عصور مصر القديمة وحتى التاريخ المعاصر، ويضم مجموعة من المخازن لحفظ الآثار مجهزة بأحدث التقنيات العلمية الحديثة على غرار المتاحف العالمية مثل متحف اللوفر والمتحف البريطانى. 

ويعرض المتحف إنجازات الإنسان المصرى فى مجالات الحياة المختلفة منذ فجر التاريخ حتى وقتنا الحاضر، كما يحتوى المعرض على نماذج وصور فوتوغرافية ومخطوطات ولوحات زيتية وتحف فنية وآثار من العصر الحجرى والفرعونى واليونانى الرومانى والقبطى والعربى وحضارة السودان والعصر الحديث. والذى يمثل أهم نقاط التعريف بالحضارة المصرية للمجتمع المصرى أولًا ثم الزائرين. ويحتوى موقع المتحف على بحيرة طبيعية نادرة هى بحيرة عين الصيرة. 

أهم ما ينفرد به متحف الحضارة هو قاعة عرض المومياوات التى صممت خصيصًا لعرض المومياوات من ملوك وملكات مصر الفرعونية، والتى تهيئ للزائر أجواء منطقة وادى الملوك، حيث عثر على هذه المومياوات، وبشكل يليق بمكانتها الرفيعة..

تعرض قاعة عرض (الكتابة والعلوم) كيف توصل المصريون للكتابة من خلال أحدث الاكتشافات الأثرية من أبيدوس وغيرها والتى تؤكد ريادة المصريين وسبقهم ما عداهم من الأمم فى الوصول للكتابة، كما يتناول براعة المصريين وتفوقهم وسبقهم فى العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات وعلوم التحنيط  والآداب التى تكشف عن كثير من سلوكياتهم وأخلاقهم واحترامهم للقيم الإنسانية النبيلة، وكيف أن انتقال المصريين من مرحلة حضارية إلى أخرى واستخدامهم لغة جديدة كان تتم بسلاسة مذهلة ويضيف إلى رصيدهم الحضارى مزيدًا من العمق والإبداع.

نحن أمام إنجاز كبير تتبناه الدولة للاستفادة من المقومات الربانية فوق الأرض وتحت الأرض من اكتشافات كبيرة فى باطن الأرض فى كل المجالات الأثرية وغيرها لإعادة رسم خارطة مصر من جديد والاستفادة من الثروات الطبيعية  التى اختص الله بها مصر.. تحيا مصر.