الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
قتيبة بن مسلم

قتيبة بن مسلم

هو قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن الأمير أبوحفص الباهلى، قائد إسلامى شهير من كبار القادة الذين سجلهم التاريخ؛ فعلى يديه فُتحت هذه البلاد التى تُسَمَّى اليوم بالجمهوريات الإسلامية، التى انفصلت عما كان يُسَمَّى بالاتحاد السوفيتي، وتوغَّل حتى حدود الصين، وتدين كثير من هذه البلاد بدين الإسلام، قُتل سنة 96 هـ، وعمره 48 سنة.



نشأة قتيبة بن مسلم

أبوه مسلم بن عمرو من أصحاب مصعب بن الزبير والى العراق من قِبَل أخيه أمير المؤمنين عبدالله بن الزبير، وقاتل معه فى حربه ضد عبدالملك بن مروان سنة (72هـ= 692م)، وُلِدَ قتيبة بن مسلم فى بيت إمارة وقيادة سنة (49هـ= 669م) بأرض العراق، ولمَّا ترعرع تعلَّم العلم والفقه والقرآن، ثم تعلَّم الفروسية وفنون الحرب، وقد نشأ قتيبة بن مسلم رضى الله عنه على ظهور الخيل رفيقًا للسيف والرمح، محبًّا للفروسية، وكانت منطقة العراق مشهورة بكثرة الفتن والثورات؛ لذلك عمل كلُّ ولاة العراق على شغل أهلها بالغزوات لاستغلال طاقاتهم الثورية فى خدمة الإسلام ونشر الدعوة؛ لذلك كانت أرض العراق هى قاعدة الانطلاق للحملات الحربية على الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية، وقد اشترك قتيبة فى هذه الحملات منذ شبابه المبكِّر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذَّة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم المهلب بن أبى صفرة، وكان المهلب خبيرًا فى معرفة الأبطال ومعادن الرجال؛ فتفرَّس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام، فأوصى به لوالى العراق الشهير الحجاج بن يوسف الثقفى، الذى كان يحبُّ الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهامِّ ليختبره بها ويعلم مدى صحَّة ترشيح المهلب له. ثم ولَّاه عبد الملك بن مروان مدينة الرَّيِّ، وولَّاه -أيضًا خراسان، وقد كانت حينها من أعمال العراق يوم ذاك، وهى تحت إمرة الحجاج، فلم يعبأ بشيء سوى الجهاد، فلمَّا وصل خراسان سنة (86هـ= 705م) علا بهمَّته إلى حرب بلاد ما وراء النهر، وأقام بخراسان ثلاث عشرة سنة.

وعندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامى فى الشرق، كان هناك نوعان من الأجناس البشرية تسكن هذه المنطقة؛ القبائل الساسانية أو الفارسية والقبائل التركية، وكان نهر المرغاب هو الحدّ الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تمَّ إدخال القبائل الفارسية فى الإسلام فى عهد الخلفاء الراشدين، أمَّا القبائل التركية فقد كانت أكبر عددًا وأوسع انتشارًا؛ منهم: الأتراك الغزية، والأتراك القراخطاي، والأتراك القوقازيون، والأتراك الإيجور، والأتراك البلغار، والأتراك المغول. وقد كان لفتح قتيبة أثرٌ كبير فى إدخال الأتراك شرقى نهر المرغاب وبلاد ما وراء النهر فى الإسلام.

فتوحات قتيبة بن مسلم

بدأ قتيبة بن مسلم فتوحاته سنة (86هـ= 705م)، وذلك عندما ولَّاه الحجاج بن يوسف الثقفى ولاية خراسان؛ وهو إقليم شاسع مترامى الأطراف، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده، وكان المهلب بن أبى صفرة واليًا على خراسان من عام 78هـ حتى عام 86هـ، وقد رأى الحجاج أن يدفع بدماء شابة جديدة فى قيادة المجاهدين هناك، فلم يجد أفضل من قتيبة بن مسلم لهذه المهمَّة.

سار قتيبة بن مسلم على الخطَّة نفسها التى سار عليها آل المهلب، وهى خطة الضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقتًا للتجمُّع أو التخطيط لردِّ الهجوم على المسلمين، ولكنَّه امتاز عن آل المهلب بأنه كان يضع لكل حملة خطَّة ثابتة لها هدف ووجهة محدَّدة، ثم يُوَجِّه كلَّ قوَّته للوصول إلى هدفه.

استعرض قتيبة بن مسلم جيشه، وابتدأ مسيرته إلى فتح الشرق كله، ففتح المدائن مثل خوارزم وسجستان، حتى وصل إلى سمرقند، فحاصرها حصارًا شديدًا حتى صالحه أهلها على أموال كثيرة جدًّا، وفطن له الصُّغْد فجمعوا له الجموع.