الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وداعا.. قدوة الداعيات

وداعا.. قدوة الداعيات

رحلت مساء الأحد الماضى داعية عرف عنها بأنها العالمة الأم، تحدث عنها القاصى والدانى، حتى من لم يعرفها عن قرب سارع فى رثائها والكتابة عنها أنها الدكتورة عبلة الكحلاوى التى رحلت عن دنيانا بعد اصاباتها بفيروس كورونا .



ولدت العالمة الراحلة فى عام 1948، للفنان المصرى محمد الكحلاوي، الذى اعتزل الغناء واتجه للإنشاد الدينى والتواشيح. وكان لوالدها رغبة بأن تلتحق بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، فلبت طلبه، لتحصل على شهادة جامعية فى الفقه المقارن عام 1969، وتعين فى السنة ذاتها معيدة فى الكلية التى تخرجت فيها.وفى عام 1978 حصلت على درجة الدكتوراة فى التخصص ذاته.

وشاءت الأقدار ان تتوجه للعمل الدعوى بعد أن رأت رؤية مع السيدة نفيسة وهى تأخذ بيدها وتجلسها بجوارها، وهو ما قصته د. عبلة بنفسها فى أول ظهور إعلامى بداية الثمانينيات 

حملت الدكتورة عبلة الكحلاوى على عاتقها هم الدعوة فى وقت لم يعتد الناس الدعوة من النساء، ورغم هذا لاقت قبولا واسعا لدى كل من عرفها أو استمع إليها فاستحقت أن تكون قدوة الداعيات فيما بعد.

وكان القدر يحمل لها فى العمل الدعوى رزقا مباركا ففى عام 1987 قدمت الدكتورة عبلة الكحلاوى حلقات دينية يومية فى الكعبة بعد صلاة المغرب..واستمرت فى تقديم الدروس فى صحن الكعبة لمدة عامين، حتى عادت إلى مصر فى 1989 وباشرت أعمالها السابقة. ولقد ترسخت صورة د.عبلة الكحلاوى فى أذهان متابعيها بأسلوبها الراقى البسيط ومظهرها المنير الذى يتسم بالإشراق حيث تميزت بثيابها البيضاء التى حرصت على الظهور بها على مدى مسيرتها كى تترك للدعاة رسالة مفادها ضرورة قبول الناس لمظهر الداعية.

ورغم تخصصها الفقهى إلا أن د.عبلة لم تحاول ان تخوض معارك فقهية كما كان يحلوا للبعض سعيا للشهرة بل التزمت الهدوى فى دعوتها وفتواها، واهتمت بتربية النفوس بالدعوة، والحديث عن الجانب الروحى لاقتناعها أن نماء الإيمان فى القلوب كفيل بصلاح العباد والمجتمع.

وخلال رحلتها كانت لها مواقف إنسانية عديدة حملت بين طياتها شغف العالمة الراحلة بنشر الوعى بين الأفراد، فكانت تسعد بهداية إنسان، ففى إحدى ندوات الأوبرا فى ذكرى قاسم أمين كان لها موقف مشرف عند الحديث عن الإسلام، وحفاظه على المرأة، وعقب الندوة توجهت إليها إحدى السيدات لتعلن اقتناعها بكلام د.عبلة، فكانت سعادتها بالغة وكأنها ربحت الجائزة الكبرى «على حد قولها».

ولم يكن حنان وعطف الدكتورة عبلة نابعا من فراغ، حيث لقبت بـ«أم البنات»، فهى أم لثلاث بنات فقدن والدهن باكرا... فكانت مثالا للأم الحنون، ولم تعرفها فتاة إلا واتخذتها أما لها .

ولم يكن اهتمام الدكتورة عبلة منصبا على الدعوة فحسب بل سعت إلى العمل الخيرى من خلال جمعية « الباقيات الصالحات»، التى أسستها بهدف رعاية الأيتام والمسنين ومرضى الزهايمر. كما دشنت دارا أخرى للأسرة ودعم الأمهات والبنات... وظلت قائمة على تلك الأعمال الخيرية حتى وفاتها لتكون شاهدة على أعظم نموذج للعالمة العاملة، وقدوة لكل داعية تريد ان تسير على الطريق الصحيح للدعوة .. ولا نملك اليوم إلا أن نودع الأم العالمة قدوة الدعاة وندعو الله لها ان يجازيها على أعمالها خير الجزاء بفضله وجوده... فوداعا «قدوة الداعيات».