نجوم صاعدة
عبد المنعم رياض: لم أخش المقارنة بجمال سليمان فى «أفراح القبة»
قد يتعرض بعض الموهوبين للظلم نظرا لوجهة نظر منتج أو مخرج؛ قررت حبس تلك الموهبة فى قالب فنى محدد منعته من الإفصاح عن المخزون الكبير الذى يحمله داخله؛ يظل سنوات حبيس أدوار بعينها إلى أن يبتسم له القدر وتأتى شخصية درامية ثرية تفتح كنزه الكبير؛ هكذا أفصح الفنان عبد المنعم رياض عن كنوز موهبته فى عرض «أفراح القبة» وكأنه أراد أن يذكر الجميع أننى لست كوميديانا فقط بينما لدىَّ الكثير الذى لم ترونه بعد؛ حصل مؤخرا على جائزة أفضل ممثل دور أول عن أدائه لشخصية سرحان الهلالى عن دوره والجائزة قال رياض فى هذا الحوار:
■ فى البداية ألم تخش المقارنة مع الفنان جمال سليمان فى تقديم شخصية سرحان الهلالى خاصة والعمل دراميا نجح للغاية؟
- بالطبع المسلسل كان ناجحا قدمه كوكبة من النجوم؛ ومخرج عظيم مثل محمد ياسين؛ لكننى لم أفكر بهذا الشكل أو فى المقارنة؛ على العكس عندما قرأت رواية «أفراح القبة» منذ زمن طويل وقبل أن تعرض علىَّ كعمل مسرحي؛ كنت أفكر دائما أن هذه الرواية أقرب للمسرح من الفيديو والسينما؛ لأن نجيب محفوط كتبها عن كواليس فرقة مسرحية؛ على مدار 30 سنة؛ لذلك لم اسرح فى المقارنة كثيرا؛ لأنه الفن وجهة نظر بحتة؛ كل منا يرى الأشياء من منظوره؛ فكرت فى نجاح المسلسل فنيا وجماهيريا؛ لكن إذا انشغلت بهذا النجاح والمقارنة لن أبدع شيئا؛ جمال سليمان فنان عظيم بينما كل ممثلا له طعم ويتناول الشخصية من وجهة نظره وتركيبته الخاصة وسرحان الهلالى فى الرواية مختلف عن المسلسل ومختلف عن العرض المسرحي.
■ كيف رأيت هذه الشخصية من وجهة نظرك؟
- عادة لدىَّ وجهة نظر فى أدوار الشر؛ لم يولد الإنسان شريرا بطبيعته كلنا ولدنا على فطرة سليمة؛ والبيئة ثم النشأة حياتك النفسية وخبراتك واختياراتك؛ هى التى تتحكم فى بروز الشر أو الخير؛ عندما رأيت سرحان الهلالى على الورق كان غامضا؛ محمد يوسف المخرج ومعد النص؛ أصر على هذا الغموض حتى يمهد للنهاية؛ لكن دائما ما يذكر عنه صفات سيئة على لسان من حوله أنه بخيل؛ سكري؛ يحب النساء؛ كل هذه الصفات لرجل فاسد؛ بدأت أقرأه من وجهة نظر الشخصيات الأخرى لكن بشكل يحمل نوعا من التورية؛ مثلا درية أول من علمت أنه معقد وليس له علاقة بالباشوات لديه أموال لكنه لم يكن باشا يوما ما؛ لذلك هو أصر على وجودها فى الفرقة برغم أنه كشف كذبها من أول يوم؛ لكنه يحب هذا النوع من البشر يعجبه هذا الالتواء؛ لأنه يجيد اللعب معهم؛ هؤلاء يحركون داخله ملكات تشعره بنشوة الانتصار؛ هو شخص مريض للغاية يحب التسلط والسيطرة والأنا وجنون العظمة؛ صنعت له تاريخ نفسى وحياتى وبيئى أنا وحدى الذى أعلمه عنه حتى ولو لم يره الجمهور؛ لأن معظم شخصيات المسرحية حلمية، تحية كرم يونس، درية، وطارق رمضان، كلهم لديهم تاريخ ومع مرور الأحداث سنفهم لماذا اصبحوا بهذا التشوه؛ كان لابد أن امنحه تاريخا حتى ولو لم يقال بالكلام؛ تاريخ أعلمه وأصدقه وحدى وألعب الشخصية من خلال هذا التاريخ النفسي؛ كنت أريد الوصول للتصديق درسته من هذه المنطقة؛ كما أننى أمام ثلاث مراحل عمرية مختلفة مرحلة الشباب الثلاثينيات؛ ثم بداية الثقل والتحكم فى من حوله من الأربيعينيات؛ ثم مرحلة النهاية الخمسة وستين. ■ ما الذى أوحى لك بنبرة الصوت الخاصة به؟
- لم افتعل نبرة الصوت بينما هى سقف طبقة صوتى عندما أصل لمرحلة تفخيم الكلام؛ هذا الرجل هو الذى منحنى الوصول لنبرة صوته؛ لأننى فكرت بأن الشخص الذى يسكر يوميا لمدة ثلاثين عاما ويجيد اللعب دون أن يلعب؛ ثم يدعى المرض وهو غير مريض؛ دائما يظهر عكس ما يبطن؛ لابد أن أجعل الخمر هنا عاملا مؤثرا بشكل ما على صحته؛ لأنها فى الغالب تترك أثر سواء فى المعدة أو فى الجهاز الصوتي؛ كما أنه توحش مع الوقت؛ هذا التوحش جعل طبقة صوته عريضة للغاية؛ وبالتالى ليست مجرد تفصيلة مجانية لأننى سعيت لبنائها من داخله.
■ هل توقعت الجائزة؟
- كثيرون كانوا يتوقعون لى الفوز بالجائزة؛ لكننى بصراحة لم اتوقعها بهذه القوة؛ كان هناك زملاء مهمون منافسون من جيلى بالمهرجان؛ كما أننى لست مريضا بمسألة الجوائز؛ وأكثر ما يسعدنى تقديم عمل يصدق ويعجب الجمهور هذه هى الجائزة الكبرى؛ لكن كان لدىَّ طمع فى جائزة العرض كله وأعتقد أنها الأهم، لأن الممثل مهما كان ماهرا وامكانياته وموهبته كبيرة؛ هو مجرد جزء صغير فى العمل الفنى لو العمل ناجح والممثل فاشل الموضوع سيكون مختلفا؛ لكن إذا بذلت كل جهدى فى دور بينما لم يكن العمل جيد؛ لن ينفع جهدى فى شيء؛ لأن المسرح لعبة جماعية وكنت دائما أقول لزملائى هذا العرض لابد أن ينجح جدا أو يفشل جدا ليس هناك وسطية فى عرض يشبه «أفراح القبة» لأنه يحمل الكثير من التفاصيل الدقيقة التى كانت تحتاج إلى تدقيق وجهد كبير؛ كان لابد من مراعاة الدقة فى كل شيء تداخل الأزمنة؛ الخروج من زمن لزمن؛ فرق السن والمشاعر؛ اختلاف وجهات النظر؛ لذلك لم تكن بيننا أنانية الرغبة فى الحصول على جوائز التمثيل بقدر اهتمامنا جميعا بالوصول إلى الشكل المتكامل لأفضل عرض مسرحى .
■ هل ترى أن خروج موهبتك للنور حلم تأخر كثيرا؟
- لدىَّ قناعة بأن ربنا يرسل لك النور فى الوقت الذى يريدك فيه؛ هناك اشياء خارج سيطرتنا؛ لم يأت لى هذه النوعية من الأدوار الصعبة فى الدراما من قبل والناس حائرة بين وجهين هناك من يرانى فى اللايت كوميدي؛ وآخرون يروننى فى شخصيات درامية والبعض يرى أننى شبيه عبد المنعم إبراهيم.
■ هل بالفعل هناك صلة قرابة؟
- اطلاقا وسعيت لتكذيب هذه الشائعة أكثر من مرة؛ هو فنان عظيم ولى الشرف الانتساب إليه؛ لكننى لست حفيده ولا هناك صلة قرابة تجمعنا؛ من شدة تكرار الشبه بيننا كانت هناك رواية مع الفنان اشرف عبد الباقى فى «تياترو مصر» دور شيخ يشبه الشيخ الذى قدمه فى فيلم «السفيرة عزيزة»؛ وقلت وقتها اننى سأقدمه من سكة عبد المنعم ابراهيم؛ حتى اريح الناس قدمته تعلق الناس بالتشابه بيننا بشكل أكبر لأننى ذهبت لتركيبته وصوته وطريقته.
■ أين كنت قبل «أفراح القبة»؟
- مثلى مثل آخرين من جيلى عادة اختار الأشياء التى اقدمها؛ لكن هذا لم يحبطنى على الإطلاق؛ أعلم أن الله سيمنحنى الفرصة لإخراج ما لدىَّ الفترة المقبلة؛ واعتقد أننى اسعى لذلك؛ لكننى وقعت فى معترك «تيتاترو مصر» كنت اراه مشروع مثل «رجل وست ستات» شاركت معهم موسمين فى قناة الحياة؛ وتوقفت فيما بعد؛ كنت لا اريد الاستمرار فى تقديم الكوميديا السريعة؛ لأنها عكس ما تربيت عليه؛ لأننى مع مدرسة الإفيه الذكى الذى يخاطب عقل المتفرج؛ لكن «الزغزغة» يأتى عليها وقت واشعر بالاكتفاء منها؛ وعلى الجانب الآخر شاركت فى أعمال درامية مثل «فرعون» مع الراحل خالد صالح، و»الهروب» مع كريم عبد العزيز وغيرها الكثير، ثم شاركت أيضا فى بعض الأعمال التى قدمت فيها كوميديا أشعر أننى ظلمت وحرمت من أدورا مختلفة تخرج إمكانياتى والمسرح لم يأت لى كثيرا للأسف.
■ لماذا؟
- كنت احقق معادلا كان يريحينى لأن تربيتى مسرحية فى الأساس ولو بعدت عنه اشعر بالغربة، لذلك كنت أشارك أصدقائى فى عروضهم بمهرجان المسرح العربى بأكاديمية الفنون أو فى أى مشروع تخرج أو دراسات عليا، بينما تاريخ عملى فى المسرح المحترف بالبيت الفنى ثلاث روايات فى 2006 مع أشرف النعمانى على مسرح الطليعة شاركت فى عرض «أسطورة واحد» بطولة أيمن الشيوى وميدو عادل، ثم «قصة حب» إخراج هانى مطاوع على مسرح الغد؛ بطولة سامى عبد الحليم وايمن الشيوي؛ وأخيرا «أفراح القبة» مع تركيزى فى الفيديو لم يخرج المسرح من حياتي.