الإثنين 13 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دار القرآن.. وجداريات القصر

دار القرآن.. وجداريات القصر

شاهد المصريون والعالم وقت انعقاد «القمة الإسلامية» الاقتصادية للدول الثمانى النامية الأسبوع الماضى فخامة القصر الرئاسى الذى انعقدت فيه هذه القمة، وسط انبهار من المشاهدين المتابعين لهذه الدورة من الانعقاد على القنوات الرسمية المصرية. 



الأغرب فى الموضوع حالة الانبهار والإعجاب من الحاضرين أنفسهم للقمة، الرؤساء الضيوف والأطقم المعاونة، المتحدثين الرسميين، والسكرتارية، والمساعدين والحراسات، الكل يقول فى نفسه كيف صنعت مصر هذا القصر الفريد من نوعه، مساحة وزخارف فرعونية ونقوشًا، وجداريات وآيات قرآنية شاهدة على ربوبية الله عز وجل، آيات صريحة ذكرت اسم مصر خمس مرات وما يقرب من ثمانين مرة غير صريحة فى كتاب الله. 

وأنا أتابع القمة على القنوات المصرية، فى نفس اللحظة كنت أشاهد القنوات العربية وهى ترصد ما يحدث فى الدول العربية الشقيقة وفى فلسطين، وفى آخر اليوم انتشرت على مواقع التواصل والسوشيال ميديا، صور القصر الرئاسى فى العاصمة، بين مؤيد ومعارض محب وكاره. 

المؤيدون يشعرون بالسعادة بأن بلدهم فى استقرار وأمان، من خلال عظمة البناء والإعمار ويأتى ذلك تحت شعار قوله تعالى «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، أما المعارضون من الكارهين للوطن فى الداخل والخارج والقنوات والمواقع المعادية فاختاروا آية واحدة من مجمل الآيات الصريحة، المكتوبة على الجداريات داخل القصر الرئاسى بالعاصمة الإدارية الجديدة قوله تعالى «أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ» وأول الآية يقول تعالى:

«وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِى مِن تَحْتِى أَفَلَا تُبْصِرُونَ»

 صدق الله العظيم.

الفارق شاسع فى التشبيه وحاشا أن يكون رئيس مصر مثل فرعون، وبهذه المناسبة سوف أربط أول هذا المقال بواقعة حقيقية وقت انعقاد المسابقة العالمية للقرآن الكريم فى دورتها الحادية والثلاثين برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، قبل انعقاد القمة الإسلامية الاقتصادية بأسبوع واحد بالقرب من القصر الرئاسى، فى العاصمة الإدارية، ولكن فى مسجد مصر بجوار دار القرآن الكريم.

ذهبت إلى العاصمة بدعوة خاصة من الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف النشيط، وقد حظيت بشرف الاستماع ومشاهدة تكريم حملة كتاب الله من مصر والدول العربية والإسلامية والإفريقية والأوروبية، وقبل ختام المسابقة صليت المغرب فى مسجد مصر، وفور خروجى شاهدت عددًا من المتسابقين فى جماعات، يسيرون بجوار المسجد فى طريقهم إلى دار القرآن، أسرعت خلفهم لكى أشاهد هذه التحفة الفنية الفريدة من الداخل على الطبيعة لأول مرة.

دار القرآن تنزل إليها عبر درجات سلم طويل من الرخام الفخم، وفور الانتهاء من الدرج تشعر وكأنك فى أحد منازل الجنة، رائحة المسك والعود والعنبر تفوح من كل مكان، تشاهد مجسمًا كبيرًا للمنطقة الإسلامية المحيطة، تتجه ناحية اليمين واليسار تبدأ فى رؤية بانوراما الغرف القرآنية، ألواح من الرخام الخاص، على شكل أوراق المصحف الشريف، مكتوبة بالخط العربى، يشبهها «دفات» مصحف مصر الذى تشرفت الجمهورية الجديدة بطبعه والعناية برسمه، أدخل من غرفة تلو الأخرى، ينطق لسانى بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، واصلت السير إلى آخر أجزاء القرآن الكريم الجزء الثلاثين، يجذبنى نور مشع فى آخر الردهة الطويلة من الدار، إنه لشرف عظيم أن تشاهد آخر مصحف موجود على الأرض، كتب فى عهد سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، ولهذا المصحف ذكريات جميلة عندما كان محفوظًا فى مكتبة المخطوطات المركزية بالسيدة زينب رضى الله عنها.

التقطت بعض الصور، وقمت بعمل فيديو لتوثيق هذه اللحظة الطيبة من هذا المكان الطاهر، واستمعت لرأى أحد المتسابقين وهو يعبر عما يشاهده فى دار القرآن بقوله «لن تهزم دولة ولن تنهار ولن تجوع بإذن الله، طالما حافظت على القرآن الكريم بهذه الطريقة الجمالية الفريدة التى ليس لها مثيل فى العالم. 

افرحوا بهذا الوطن، افرحوا بجيشكم، افرحوا بقيادتكم، افرحوا بالأمن والأمان والاستقرار والتنمية والازدهار.. انظروا حولكم فى هذا الشهر، والثلج يتساقط على شعوب شقيقة بجواركم، كانت منازلهم جميلة فى أعوام سابقة، الآن يسكنون الخيام وسط الخراب والدمار بعد انهيار دولهم، الجوع مقدور عليه يمكن أن نأكل رغيف خبز واحد يكفينا ويمكن أن نصبر، والتراجع الاقتصادى مقدور عليه بالعمل والإنتاج، وكل ما نراه سلبيًا يمكن أن يكون فى يوم من الأيام إيجابيًا، ولكن عدم الاستقرار وانعدام الأمن وتفكيك الجيوش وانهيار الأنظمة وسقوط الدول، وتنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، هذا ما لا نقدر عليه.

تحيا مصر