رشاد كامل
مقالب كامل الشناوى مع العقاد!
لم يسلم أحد من محررى جريدة «روزاليوسف» من مقالب كامل الشناوى معهم وكما تقول السيدة روزاليوسف «كان صديقى كامل الشناوى له كل يوم قصة أو تشنيعة أو نادرة تنشر الضحكات على الشفاه».
وكان الكاتب الكبير عباس محمود العقاد واحدًا من هؤلاء وتحكى السيدة روزاليوسف قائلة: وذات يوم كتب العقاد مقالا عنيفا ضد «نجيب الهلالى» وزير المعارف وأعطاه لتوفيق بوصفه سكرتيرًا للتحرير وقال له إنه مسافر إلى الإسكندرية وطلب منه ألا ينشر المقال إلا إذا اتصل به من الإسكندرية.
وفى الليل دق التليفون على مكتب توفيق صليب وسمع صوت العقاد يحدثه من الإسكندرية ويطلب منه أن ينشر المقال غدًا ويطلب منه أن يضع خطوطًا تحت فقرات معينة فيه!
وانتهت المكالمة بعد تعليمات كثيرة من العقاد وبعد دقائق دخل كامل الشناوى على توفيق صليب ضاحكًا فقد كان هو الذى قلد صوت العقاد!
وبعد ساعة أو تزيد دق التليفون مرة ثانية ورفع توفيق صليب السماعة ليسمع صوت العقاد مرة أخرى يطلب منه ألا ينشر المقال، وظن توفيق أن المتكلم هو كامل الشناوى مرة أخرى فانفجر فيه: يا أخى ما بلاش دوشة! أنت مش لاقى حاجة تعملها يا أخى أنا مش فاضى للعب ده!!
ورد عليه الصوت ردًا عنيفًا فرد عليه توفيق ردًا أشد وأعنف واستمر يشتم محدثه فترة طويلة قبل أن يكتشف أن محدثه هذه المرة هو العقاد حقًا!
وكان هذا الحادث نكتة الأسبوع فقد عاد «العقاد» من الإسكندرية فى أشد حالات الغضب للشتائم التى جرؤ توفيق صليب على توجيهها إليه!
وعبثًا حاولنا أن نقنعه باللبس الذى وقع فيه توفيق صليب ورفض أن يصدق كامل الشناوى نفسه حين روى له القصة وظل يقول لى: - لا ده توفيق قاصدها - هو عايز يهزأنى بأى طريقة!
وكان الأستاذ توفيق صليب بحكم عمله سكرتيرًا للتحرير يسهر كل يوم فى المطبعة حتى الساعة الرابعة صباحًا حتى ينتهى الطبع، وفى إحدى الليالى اتصل كامل الشناوى بمنزل توفيق صليب وسأل عنه فقيل له إنه سهران فى المطبعة كالعادة، وفى براءة شديدة أبدى كامل دهشته من ذلك لأن توفيق صليب يترك الجريدة كل يوم الساعة العاشرة مساءَ وبعدها تعرض توفيق صليب لأزمات منزلية عديدة!
وحكاية أخرى ممتعة ترويها «روزاليوسف» قائلة: ولست أنسى يوم ثار العقاد على كامل الشناوى ثورة هائلة وكان كامل بريئا لأول مرة! فقد أحضر العقاد الرسام «رفقى» ليعطيه فكرة صورة كاريكاتيرية والمفهوم أن الصورة الكاريكاتيرية على الأرجح نكتة يجب أن تكون قليلة الكلام ولكن العقاد أخذ يشرح له فكرة طويلة تشبه أن تكون مقالا وشخصيات كثيرة تتجادل وكلام طويل لا يمكن أن يكون نكتة، وكان العقاد يبذل جهودًا جبارة لإفهام الرسام هذه النكتة والرسام يحاول عبثًا أن يفهم كيف يمكن أن يرسم هذه الصورة حين دخل عليهما كامل الشناوى.
ونظر العقاد إلى كامل متهللا وأراد أن يشرح له النكتة بوصفه خبيرًا فيها، وفرغ العقاد من شرح نكتته ليرى كامل واقفًا ساكنًا لا تبدو على وجهه نبرة ضحك أو ابتسام أو حتى فهم لهذه النكتة ولم يحتمل العقاد هذا الحكم فصاح غاضبًا: - أنت مش راضى تضحك ليه؟ عاوز تقول إن نكتتى بايخة؟ أنت عايز تحتكر النكت؟ أنا بقالى عشرين سنة بقول نكت!
وعبثًا حاول كامل أن يهدئه أو أن يقنعه بأن نكتته ليست بايخة إلى هذا الحد!
وعلى هذا النحو مضت بنا الأيام فى الجريدة.
وللذكريات بقية!