الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قرى ونجوع وعزب الوطن

قرى ونجوع وعزب الوطن

منذ ما يقرب من عشرين عامًا أو يزيد ذهبنا إلى واجب عزاء فى إحدى قرى الصعيد وتحديدًا فى مركز ديروط كان صديقًا لنا قد توفى والده فذهبنا لنشد من أزره ونربط على قلبه فيحتسب عند الله الفقيد.. السفر إلى الصعيد فى هذه الفترة كان سفرا بمعنى الكلمة يعنى التعب والمشقة والحوادث المتفرقة بسبب المطبات وضيق الطريق وعدم وجود خدمات كافية تساعد المسافرين إذا ما قدر الله حدث لهم مكروه. 



 كانت معظم القرى المصرية فى الوجه البحرى والقبلى فى هذا التوقت بين أعوام ١٩٩٠ و٢٠٠٠ خاوية على عروشها من الخدمات الإنسانية يعنى الصرف الصحى ومياه الشرب والوحدات الصحية الريفية.. كانت الطلمبات الحبشية «الترمبة» هى محطة المياه الرئيسية فى كل القرى المصرية هذه الآلة البسيطة التى تخرج لنا مياها باردة فى الصيف دافئة فى الشتاء طعمها زلال وكأنها زمزم نستخدمها فى عمل الشاى وطهو الطعام.. هذه النعمة سرعان ما انقلبت إلى نقمة بسبب عدم اهتمام الدولة بوضع حلول للصرف الصحى فى القرى المصرية,كل منزل فى القرية يقوم بعمل بير (طرنش) أمام منزله لصرف مخلفات البيت فى هذا المكان ودون أن تشعر الدولة بخطورة هذا العمل تركت الناس دون حلول ومن كثرة هذه الطرنشات فى قرانا بالوجهين القبلى والبحرى تسربت مياه الصرف إلى المياه الجوفية وأصبحت قريبة من سطح الأرض فكانت الكارثة التى لحقت بكل المصريين فى كل مكان وهى انتشار فيروس «سى» الذى أكل أكباد الناس نتيجة شربهم مياها ملوثة بالصرف الصحى لمدة عقود طويلة.. الفقراء استسلموا لقدرهم المحتوم والأغنياء كانوا ينفقون الملايين على  زراعة الكبد فى الصين وبعض الدول الأوروبية وأصحاب الطبقة المتوسطة كانوا يشعرون بالرعب عندما يخبرهم الطبيب بضرورة عمل تحاليل فيروسات الكبد.. الشهادة لله إن دولة 30 يونيو كسرت الحاجز النفسى لمرضى الكبد فى كل ربوع مصر عندما أصبح التحليل والدواء فى متناول الجميع دون تعقيد أو أعباء على كاهل الأسرة. 

اليوم الدولة تحاول إصلاح ما أفسدته السنوات الطويلة الماضية ودخلت معركة حقيقية من أجل الإنسانية فى المقام الأول وأن الإنسان هو صنعة الله فى الأرض وهى أغلى وأثمن شىء فى هذا الكون.. إذا تحدثنا عن السفر إلى الصعيد الآن  فحدث  ولا حرج الطريق الذى كنت تسير فيه 10 ساعات لتصل إلى محافظة أسيوط الآن يكفيك خمس ساعات أو أقل وكل الطرق الطويلة التى تربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب قربت المسافات مثل الطريق الإقليمى وطريق شرم الشيخ الجديد وكل شبكة الطرق العملاقة التى نفذت فى بضع سنوات قليلة.. التاريخ المرضى لفيروس «سى» وقف له الرئيس السيسى شخصيا ولن أبالغ عندما أقول: إن هذا الموضوع كان توجيها للحكومة بأن محاصرة المرض بالنسبة لنا حياة أو موتا  وجاءت مبادرة ١٠٠ مليون صحة لتصلح ما أفسده الدهر فى صحة المصريين.. واليوم تدخل الدولة معركة الحياة الكريمة فى كل قرية وعزبة ونجع لتوفير المرافق وتهيئة القرى لدخول عصر جديد من الحياة الإنسانية الحقيقية للأجيال المقبلة. 

رسالتى للقائمين على المبادرة لا تدخلوا القرى الكبيرة وتنسوا العزب والنجوع، فأهل هذه العزب والنجوع أصبحوا منسيين من عقود طويلة ليس لهم نصير غير الله سبحانه وتعالى والمسئول الذى فى يده الحل والربط، هناك قرى صغيرة يسكنها  موظف مهم أو مسئول حكومى يجرى اتصالات هنا وهناك من أجل قريته التى يعيش فيها وهناك قرى لا يسكنها غير الطيبين الراضين بقضاء الله وقدره ولا يملكون غير الدعاء بأن يصلح الله لهم الأحوال.. هذه المبادرة الرئاسية جاءت فى الأساس من أجل هؤلاء الناس المنسيين فى مصر .. تحيا مصر.