
محمد عبد النور
المسئولية والواجب.. فى الانفجار السكانى
نحتاج إلى إثارة جدل عام حول نسب الزيادة السكنية، جدل مستمر فى منتديات وندوات وأروقة حزبية ومراكز شباب ومدارس وجامعات ونواد ووحدات ريفية وعلى وسائل التواصل الاجتماعى وكل مكان من الممكن أن يساهم فى بيان خطورة هذه الزيادة فى النسب على تفاصيل الحياة اليومية والقدرة على تأدية متطلباتها سواء فى صحة أو تعليم أو مواصلات أو حتى أكل عيش، فالتكلفة أصبحت كبيرة والقدرات جد محدودة.
هذا الجدل العام يجب أن يكون واسعا ومستمرا وملحا فى نفس الوقت، فمشكلة ارتفاع نسب الزيادة السكانية ليست مشكلة اليوم أو الأمس بل مشكلة موجودة وتتعاظم منذ أكثر من سبعين سنة، منذ خمسينيات القرن الماضى، مشكلة واجهت ستة أجيال سابقة وبدأت بالملاحظة ثم التقييم ثم التحذير ثم التحرك ثم المواءمة ثم الانفجار فى وجه الجميع، بعد أن تضاعف عدد السكان أكثر من مرة خلال تلك العقود، وآخرها منذ 25 سنة فقط حين بلغ عدد السكان فى مصر 59 مليون نسمة عام 1996 وفى عامنا هذا 2021 تجاوز عدد السكان الـ100مليون.
وللحقيقة كانت هناك محاولات جادة للدولة من جهة فى طرح حلول والقيام بمجموعة من الإجراءات كمراكز تنظيم الأسرة فى المحافظات والقرى والوحدات الصحية وكل خدماتها مجانية، ونجحت إلى حد ما ولا تزال موجودة حتى الساعة.
ومن جهة أخرى، كانت هناك محاولات جادة أيضا من منظمات المجتمع المدنى والدوائر الإعلامية المختلفة فى مخاطبة الوعى العام بحجم المشكلة وتداعياتها وخطورة استمراراها ونجحت بعض الشىء، فى الحملات الإعلامية لتنظيم الأسرة، إعلانات وبرامج وندوات ومنتديات.
ولكنها ظلت محاولات موسمية، تعلو بعض الوقت ولا تدوم كل الوقت، بالرغم من تعاظم المشكلة إلى حد الانفجار، ومفهوم يالطيع ان الحلول الناجزة للحد من الانفجار السكانى ليست حلول حكومية ولا إجراءات إدارية، ربما بعض التحفيز على تنظيم النسل بمميزات معينة للاسر قليلة العدد.
ولكن الحل الوحيد هو فى الإدراك العام والوعى الجمعى بأن الانفجار السكانى ليس مهددا للدولة أو للحكومة أو للنظام ففى النهاية ستتحرك الدولة فى حدود امكانيات مواردها وفى حدود ما تستطيع تأديته فى اطار هذه الموارد، ولكنه تهديد خطير لطبيعة الحياة للسكان جميعا فى بر مصر وتفاصيلها التى ستزداد صعوبة ومشقة وضيق رزق، وبلا شق توتر وغضب وسخط حنق اجتماعى.
من ثم نحتاج إلى خطاب مجتمعى وخطاب نفسى وخطاب إعلامى مستمر ومستديم طول الوقت وكل الوقت، وليس خطابا موسميا، خطاب تدفع إليه الدولة بكل مؤسساتها ويتبناه المجتمع المدنى والإعلامى بكل أدواته، وهى مسئولية ضميرية، وهو واجب وطنى علينا أن نؤديه جميعا.