الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشاعرة والإعلامية اللبنانية أمل وجيه ناصر: «فيروز» أسهمت فى رواج الشعر الشعبى فى العالم العربى

  بيروت ـ  إيهاب القسطاوى  



أمل وجيه ناصر، لبنانية شاعرة وقاصًة وإعلامية  تمارس مهنة الاعلام منذ ثلاثين عامًا، فى رصيدها كتابان وهما مجموعة قصص «الحب المحرّم، حقيقة رجل» وثلاثة دواوين شعرية: «صرخة امرأة وغنّى معى للحب، ودقة قلب»، وهى عضو فاعل فى اتحاد الكتّاب اللبنانيين، وأيضا فى نقابة الفنانين المحترفين ككاتبة دراما وفى لجنة الكتابة. وهى أيضا عضو فى مجلس امناء ومجلس إدارة جماعة عرار للثقافة والإعلام . وتعل كمعدة برامج ثقافية ودرامية فى إذاعة لبنان، تكتب فى عدة جرائد محلية وعربية مقالات أدبية ونقد أدبيا 

وفنيا.. حول رؤيتها لحال الثقافة اللبنانية والعربية دار الحوار معها.

 

■ بداية حدِّثينا عن نشأتك، خاصة وأنك نشأتِ فى منزل مشبعٍ بالأدب والثقافة والفن؟

ـ نشأت فى منزل تسوده أجواء الثقافة والفن وذلك لأنَّ والدى الدكتور وجيه ناصر رحمه الله، كان أديبًا وفنانًا وأستاذًا محاضرًا فى الجامعة اللبنانية وعميدًا للمسرح فى لبنان، قام بتأليف عشرات الكتب والمسرحيات، درس فى جامعة السوربون فى فرنسا، وعمل مديرًا لشركة افلام فى مصر، وبعدها مستشارًا لوزارة الإعلام فى لبنان وفى مجال الإخراج وإعداد البرامج الثقافية والتمثيلية. وقد تعلًمت منه المثابرة وعشق الفن والأدب والشعر كما تعلمت منه حبّ مصر أم الدنيا التى كانت عشقه وشغفه وحلمه الجميل الذى ظل معه حتى نهاية حياته. وها أنا اليوم أسعى لكى أسير على خطاه كما كان يحب أن أكون. 

■ ما أبرز المحطات فى حياتك التى تركت أثرا ايجابيًا على مسيرتك الأدبية؟

ـ ابرز المحطات التى اثرت ايجابيا فى حياتى عام 2009 عندما كنت اوقع كتابى الأول «حقيقة رجل محمد رضا سنجابة» فى قصر الاونيسكو وتفاجأت كثيرا وكذلك مدير هذا الصرح الرسمى العريق بالإقبال الهائل من الجمهور وتهنئة رئيس الجمهورية وإرساله لى باقة كبيرة من الورد، وحضور وزيرين ورئيس الجامعة اللبنانية الوزير اسعد دياب رحمة الله عليه.. كل هذا جعلنى أثابر لأكمل ما بدأته، فقد كان اسم والدى يمهِّد لى الطريق دائمًا..

اما المحطة الثانية فكانت عند توقيع مجموعتى القصصية « الحب المحرّم». فقد حضر يومها رئيس وزراء لبنان أطال الله بعمره الدكتور سليم الحص وثلاثة وزراء ونخبة من اهل الاعلام والفن والثقافة ليشاركوننى فرحتى.. فتشجعت كثيرًا ورسخت قدماى فى عالم الكتابة، وبدأت اجتهد لأبنى اسمى ومكانتى بعيدًا عن اسم والدى مع احتفاظى بااسمه الكبير فى كل ما أفعل وأكملت طريقى مع ديوان «صرخة امرأة» الذى لاقى نجاحًا كبيرا ووقعته أيضا فى قصر الاونيسكو..ودائما كنت أنال تهنئة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

وتوالت النجاحات بعد هذا الديوان واستسغت عالم الشعر والكتابة فلم يكن لى جناحان وترانى أطير!  وسرت بخطى ثابتة فشاركت بعدة مؤتمرات دولية وأمسيات شعرية فى الوطن العربى وحصلت على شهادات وجوائز عديدة من عدة بلاد عربية آخرها فى الإمارات من حاكم الشارقة الدكتور سلطان القاسمى  عام 2020.

ومن المحطات التى لن انساها اننى وبالصدفة وعبر السوشيال ميديا اشتركت بمسابقة عن برنامج قدمته أثناء الحجر المنزلى فى دولة الإمارات وفزت بشهادة السفير التطور المجتمعى من مركز الدراسات العليا.

■ حدثينا عن رحلتك إلى مصر؟

ـ مصر.. ما أجملها.. حبيبة والدى، وأصبحت بعدها حبيبتى، لم يكن يهنأ لى بال الا اذا زرتها فى السنة ثلاث مرات على الأقل. أحب كل شىء فيها..وفى كل مرة أغادرها اشعر أننى اشتاقها وأعود....وهكذا.... فالحنين إلى نيلها وخان الخليلى والحسين يلازمنى. ناسها طيبون ودمهم شربات! الحديث عنها يقصر عندما يطول ويطول عندما يقصر.. استضافونى فى التليفزيون المصرى ثلاث مرات على قناة النيل الثقافية والإخبارية وكذلك عدة مرات فى راديو صوت العرب.. وشاركت فى أمسية شعرية مع شعراء العرب لدعم مستشفى سرطان الثدى «بهية». 

■ بدايتك كانت مع القصة بعدها اتجهت الى كتابة الشعر، فهل وجدت نفسك فى الشعر أكثر من القصة؟

ـ نعم.. بدايتى كانت مع القصة، فقد كتبت قصة حياة رجل الأعمال محمد رضا سنجابة رحمه الله الذى كان صديقًا حميمًا للعائلة وكانت حياته دسمة المراحل وشيِّقة التفاصيل ، مليئة بالعبر التى يمكن أن نتعلّم منها الكثير. كتبت سيرته على شكل قصة وبعدها انطلقت فى عالم القصة فكتبت مجموعة قصص قصيرة جمعتها فى كتاب بعنوان «الحب المحرّم» الذى لاقى استحسانًا من أهل الصحافة والأدب والنقاد فأعدت طباعته بعدما نفدت كل النسخ من السوق. بعدها وجدت الشعر يكتبنى فأنا لم أكتبه يومًا، فدخلت عالم الشعر والبوح وعشته وفرحت به..وها أنا اليوم شاعرة استعذب بحوره وأذوب فى جمال معانيه.

■ ديوان صرخة إمرأة وصفه النقاد بأنه ديوان مليء بالوجع لماذا؟ وهل هو انعكاس لتجربة شخصية؟

صحيح.. ديوان «صرخة امرأة» هو عصارة تجربة شخصية عشتها ، فيه حبّ ومعاناة، ألم وحيرة، عشق كبير ووجع كثير. فانا أؤمن أنَّ الشعر يُكتب بحبر القلب وحين يصل إلى قلوب الناس يكون هاتفه صادقًا وعفويًا.

■ رحلتك فى الإعلام تمتد إلى لأكثر من ثلاثين عاما، إلى أيِّ مدى أثَّر ذلك على مشروعك الإبداعى والشعرى؟

ـ رحلتى الإعلامية  كانت طويلة جدا وما زلت أعمل بشغف وحبٍّ لهذه المهنة التى اعتبرها جزءًا منى حتى اليوم.. فأنا أعمل فى وزارة الإعلام كإدارية ومعدِّة لبرامج ثقافية وتمثيليات درامية. ولكن بفضل الله استطعت أن أقوم برحلتى هذه دون أن أتأثر سلبيًا فى مشوارى الأدبيّ لا بل أضافت إلى مشروعى الشعرى خبرة وثقافة من خلال اختلاطى بأهل الفن والشعر.. أما بالنسبة للوقت ، فالحمد لله، انّ إلهام الشعر يأتينى عادة فى الليل وكما تعلمون انَّ الليل نديم الشعراء ويمتاز بالهدوء والسكينة ، فتجود القريحة ويسخى القلم ويكتب.

■ ما أهم المميّزات التى تميِّز الشعر الشعبى فى لبنان؟

ـ يتميّز الشعر الشعبى فى لبنان  بأنواعه الكثيرة. هناك الشعر الزجليّ، والشعر الغنائيّ، والشعر القريب من الفصحى، والشعر المكثف. وكل نوع له خصائص وأوزان مختلفة. كما أن سفيرتنا الى النجوم السيدة فيروز والرحابنة أوصلوا الشعر الشعبى المغنّى الى كل الدول العربية فأصبح سهلا ومفهومًا ومحبوبًا وقريبًا من قلوبهم. وها أنا اليوم أعدّ وأقدم برنامجًا بعنوان «كلام ع البال» استضيف فيه شعراء من لبنان وكل العالم العربى ،وفى الفقرة الأخيرة  من كل حلقة أشارك بقصيدة من تأليفى. وقد لاقى هذا البرنامج استحسانًا وانتشارًا واسعًا وهو مستمر منذ سنتين عبر إذاعة لبنان.

 ■ من خلال رئاستك للجنة الشعر النبطى والشعبى للتراث فى مؤسسة عرار هل تجدين تراجعًا للشعر النبطى فى الوطن العربى؟ وما هى اسباب قلة المهرجانات المهتمّة بهذا النوع من الشعر؟

ـ نعم.. للأسف هناك تراجع كبير على مستوى العالم العربى فى الشعر النبطي، ممّا جعل الكثير من الشعراء يحبطون وينصرفون عن كتابة هذا النوع من الشعر. ولكن تبقى دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية مهتمتين بجميع أنواع الشعر والفنون والثقافة، وهما السبّاقتين فى تشجيع المواهب الشعرية واظهارها وتبنِّيها، لأن الشعر، وخاصة الشعر الشعبى هو من تراثنا وحضارتنا وتاريخنا كعرب.

أما بالنسبة للبنان والشعر الشعبى أى باللهجة المحكية فهو موجود بقوة وزخم، ولديه جمهور واسع من متذوقيه كما أن لدينا نخبة من نجوم الشعر المبدعين الذين نفخر بهم . ولكن اليوم للأسف العالم كله يعانى من جائحة كورونا، مما جعل كل المهرجانات والامسيات والنشاطات الثقافية تتوقف بشكل كامل حتى إشعار آخر.  ولكن بشكل عام فقد تضاءل الاهتمام بالشعر والشعراء وذلك بسبب انشغال الناس بالهموم الاقتصادية والمعيشيّة وانصراف الجيل الجديد إلى عالم التكنولوجيا والإنترنت.

■ هل تختلف البنية الفنية الإذاعية فى الأعمال الدرامية عن البنية الفنية التليفزيونية؟

ـ طبعًا تختلف كثيرًا.. فالبنية الفنية الإذاعية تعتمد على جمال النص وحسن الأداء بالكامل، اما البنية الفنية التليفزيونية فقوامها أولا المشهد، شكل الممثلين، طريقة تعبير وجوههم، المكان، الإضاءة .. وبعد هذه الأشياء تاتى جودة النص وحسن أدائهم…

■ من هو مثلك الأعلى فى الشعر؟

فى لبنان كوكبة مهمة من الشعراء الذين يكتبون الشعر الشعبى والفصيح. ولكن مثلى الأعلى بالشعر عامة هو أستاذى جورج شكور، كذلك احب شعر الأخطل الصغير وطبعا شاعر المرأة نزار قبانى. اما من جيل الشباب، فالشعراء والشاعرات الأصدقاء كثر، وكلهم يملكون ابداعًا نادرًا، وموهبة مفعمة بالسحر لهذا أقول إن لبنان غنى جدًا بشعرائه ومبدعيه.

■ وقعت فى الشارقة ديوانًا بعنوان: غنى معى للحب.. لمن هذه الدعوة؟

ـ نعم.. ديوانى كان باللهجة المحكية اللبنانية وقعته فى الشارقة بدعوة من دائرة الثقافة مشكورة على جهودها وبتوجيه من سمو الشيخ سلطان بن حمد القاسمى الذى اشكره كل الشكر على اهتمامه الحثيث والمستمر باهل الشعر والثقافة وتكريمهم خير تكريم. وهذا الديوان يحتوى على مجموعة أشعار غنائية. 

■ ما دور الاعلام فى لبنان فى نشر الشعر وتحفيز الجمهور على سماعه وتشجيعه؟

ـ للإعلام دور كبير فى تحفيز الجمهور وخاصة الجيل الجديد بالاهتمام بالشعر الشعبي، ولكن للأسف فى أيامنا هذه تراجعت وسائل الاعلام بشكل ملحوظ عن الاهتمام بالشعر عمومًا والقاء الضوء على المواهب الجديدة البارعة فى الشعر وانواعه وذلك بسبب انشغالهم بمتابعة الاخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى لبنان والعالم.. مما جعل جمهور الشعر يقلّ ويتراجع كثيرًا .ولكن والحمد لله هناك شعراء لبنانيون ما زالوا متمسكين بعراقة الشعر الذى يعتبر من جزءا مهما من تراثنا اللبناني، فيقيمون الأمسيات الشعرية عبر منتديات تُعنى بالشعر الشعبى والفصيح. وكل هذا سيعود بحول الله بعد انتهاء الجائحة..

■ ما آخر عناقيدك؟

آخر العناقيد أطيبها، صدر لى منذ شهر تقريبًا ديوان جديد بعنوان دقة قلب، كتبت فيه صوتى حين يمرُّ به نسيم البحر، وشوقى حين يخبِّئ الشِّجرُ ظِلَّ الحبيب، وتلك الهُتافات الطَّافية على سطح القلب كبداية موسم حُبٍّ بديع…

كلُّ هذا كتبتُه بلغتى اللُّبنانية القريبة من القلب، بتِلقائيةٍ وعفويةٍ لا تعرف التَّعقيد والمبالغة.

دقة قلب» مجموعةُ قصائدَ عميقةٍ، يتنفَّس فيها القلبُ فتفوحُ فوحَ عبير الأزاهر... غنَّيت بين السُّطور للحُبِّ،للفرحِ، بكيْتُ من ظلمِ الناسِ وقسوة القدر ، ثُرت على الغدر وقهر الظروف ولكنَّنى بقيتُ أغنِّى وأغنِّى حتى آخر حرفٍ فيه. وقد كرّمنى أمين عام اتحاد الكتّاب الدكتور الياس زغيب بتقديم أضاف على ديوانى بهاءً وغنى.