
هند سلامة
محمد فراج.. صاحب الشغف
شغف كبير دفعه وهو طفل صغير فى مقتبل العمر للجرى وراء حلمه؛ قرأ إعلانًا فى أسفل صفحة الفن بالجريدة «مطلوب وجوه جديدة»..ولمح بسرعة خاطفة سطرًا يؤكد أن العنوان باستوديو مصر؛ لم ينشغل بقراءة التفاصيل؛ وهو مازال فى الصف الثانى الإعدادى؛ توجه محمد فراج سريعًا إلى استوديو مصر مقر تحقيق حلمه؛ لكنه اكتشف أن الاستوديو مازال تحت الإنشاء وتجرى به إصلاحات؛ وليس هناك أحد سوى الحارس الذى عاتب الطفل الملهوف.. بعد أن تفحص تفاصيل الإعلان..»مش تقرأ الإعلان كويس»!.. كان الإعلان ضمن مجموعة نوستالجيا يتم نشرها بالجريدة؛ وكانت تفاصيله تخص فترة الأربعينيات وبالفعل مطلوب وجوه جديدة لفيلم «دهب» بطولة أنور وجدى وفيروز!
تكررت الإحباطات خاصة بعد التحاقه بكلية التجارة جامعة القاهرة عندما ذهب للالتحاق بفريق منتخب الجامعة من اليوم الأول؛ لكن مسئول النشاط أخبره بضرورة الالتحاق بفريق كليته أولا حتى يستطيع الوصول إلى المنتخب؛ ومنذ ذلك الوقت لم يترك خشبة مسرح كلية التجارة لمدة عشر سنوات متواصلة؛ كان فراج يعتبر الجامعة «مسرح كلية التجارة» وليس مجرد قاعة للدرس والمحاضرات؛ مما تسبب - على حد قوله - فى مشاكل كبيرة بينه وبين والده؛ الذى وصل به الأمر إلى حبسه بالمنزل فى إحدى المرات؛ حتى يتوقف عن حضور بروفات العروض؛ لكن المغامرات لم تنته ولم يرضخ محمد فراج لرغبة أبيه؛ ولم يكف عن السعى بكل عزم وقوة وثبات للوصول إلى هدفه الأول؛ الذى يجنى ثماره اليوم من نجومية وتفوق لمهنة أخلص لها فمنحته على قدر هذا الإخلاص.
يشارك محمد فراج هذا العام فى ثلاثة أعمال درامية بالشهر الكريم؛ «لعبة نيوتن»؛ «ضد الكسر»؛ وأخيرا «خلى بالك من زيزى»؛ تحمل كل شخصية قدرًا كبيرًا من العقد والتناقضات خاصة شخصية مؤنس فى المسلسل الأنجح هذا العام «لعبة نيوتن» يفاجئنا فراج فى هذا العمل بأداء اجتمعت فيه ثقل الموهبة وخبرة السنين؛ شخصية لها أبعاد متعددة غامضة ومريبة؛ منذ ظهوره الأول؛ وبرغم ما يصدره هذا الرجل من حنان وورع وتقوى فى كل أفعاله؛ إلا أنه يحمل بداخله قدرًا لا يستهان به من الريبة؛ نعلم من أدائه ونظراته وحركات رأسه الدائمة وجسده وطريقة تسبيحه أنه مراوغ كبير؛ قد يخفى الكثير من الكوراث وراءه؛ فهو ليس بهذه التقوى والمسالمة التى يبدو عليها دائمًا مع المحيطين به؛ دقة ومهارة واحتراف فى لعب تلك الشخصية المبهمة والتى استطاع فراج أن يزنها بثبات شديد حتى يمنح المشاهد هذا الشعور بالريبة والتناقض بين ما توحيه ظاهريًا وما تبطنه شخصية مؤنس المركبة فى لحظات الصمت والمراقبة؛ ثم دوره فى «ضد الكسر» الزوج الخائن الغيور والمخدوع أيضا فى زوجته نجده فى ثياب آخر لرجل متحرر أخلاقيًا دائم الاندفاع فى سلوكه تجاه زوجته التى يشك فيها باستمرار؛ وأخيرًا فى «خلى بالك من زيزى» مدرب التمثيل المتعجرف والمعقد نفسيًا؛ يعود هنا فراج إلى شهرته بالجامعة ككوميديان كبير له حضور قوى أخاذ فى ممارسة فن الكوميديا؛ ليطلعنا هذا الممثل المتنوع على جوانب موهبته متعددة الوجوه؛ حيث يفصح هذا الموسم عما بداخله من فيض لا يتوقف عن الإبداع؛ وعن شغف صاحبه منذ نعومة أظافره!