الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تامر نبيل.. صاحب الإختيار الصعب

تامر نبيل.. صاحب الإختيار الصعب

 لم يكن من اليسير اختيار الطريق الأصعب فى فن التشخيص؛ طريق البحث والتفكير والمثابرة والصبر والهدوء للوصول إلى الحلم؛ بعد نضج فنى وجهد كبير؛ هكذا يبدو حال الفنان تامر نبيل الممثل الواعى دائما بعمق وتفاصيل الشخصية التى يجسدها سواء على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا؛ يسير بخطى متأنية غير متعجل؛ يتناول شخصياته عادة بأداء متزن رصين؛ من تراكم خبرات مسرحية اتحدت ونسجت بخيال تغذى من بيئة الطفولة؛ يزن انفعالاته بدقة شديدة وذكاء حاد؛ وكأنه رسام يضع الشخصية أمامه فى لوحة مرسومة ليراقب حركاتها وانفعالاتها ولافتاتها فى كل لمحة ورد فعل؛ لتكتمل ملامحها أمامه وتمتزج بملامح وجهه المعبر عن ابسط مشاعرها الداخلية.



 شارك هذا العام فى بطولة مسلسل «الاختيار.. رجال الظل» ولعب شخصية الإرهابى الهارب يحيى موسى الذى سعى إلى تدريب عناصر إرهابية من الشباب والتخطيط لعمليات تخريب واغتيالات؛ والذى فر هاربا إلى تركيا عقب فض اعتصام رابعة؛ ومنذ سنوات شارك أيضا فى مسلسل «الجماعة 2» بشخصية محمد يوسف الهواش القيادى الثانى بجامعة الإخوان المسلمين؛ والذى كان يوجه سيد قطب فى اتخاذ قرارت مصيرية؛ وبرغم تشابه الشخصيتين فى انتمائهما لنفس الجماعة؛ واشتراكهما فى النقمة والثورة على النظام الحاكم؛ إلا أن تامر كان له شأن آخر فى استقبال الشخصيتين برغم تشابه التوجه؛ لم يتشابه أداؤه أو تجسيده لكل من يوسف الهواش ويحيى موسى؛ كان يبدو يوسف الهواش دائم السخط والثورة على النظام والحزن لعدم تمكن الجماعة من الحكم حتى الآن بنبرة صوت أصابها الوهن والضعف من شدة المرض والحزن لعب تلك الشخصية الصعبة والمؤثرة والمثيرة للجدل فى تاريخ الجماعة؛ بينما «يحيى موسى» هادىء متزن واثق ومقبل بصدر رحب وسلام نفسى على ما يفعل وما يريد؛ بدت نقمته وسخطه فى ابتسامة ثقة المنتصر فى السعى والوصول بدهاء ومكر التخطيط.

ثم نجده هذا العام مشاركا أيضا فى بطولة عمل آخر «خلى بالك من زيزى» على النقيض التام من دوره فى الاختيار؛ فهو يلعب دور ياسر عسل الأخ الغاضب الثائر لكرامة أخيه بعد إهانة زوجته له بالضرب ثم بالطعن فى رجولته أمام المحكمة نرى نبيل فى ثياب جديد؛ بعمل درامى اجتماعى بالدرجة الأولى حملت الشخصية خليط من الكوميديا الناعمة والغضب للأخ المهان فى محاولاته العديدة للانتقام من هذه الزوجة لاستعادة كرامة أخيه حتى لو استخدم طرقا غير مشروعة؛ هنا يطلعنا على جانب آخر من موهبته التى لم يكتمل اكتشافها بعد؛ فمازال هذا الرجل يحمل بداخله الكثير؛ ممثل اتزنت حواسه واستعدت لإستقبال ما تفيض به كل شخصية من مشاعر وانفعالات دون مبالغة أو افتعال؛ بهدوء شديد وتركيز أشد؛ يروض تامر نبيل شخصياته الدرامية ويطوعها بنعومة بعد تفكير وبحث يدوم طويلا عن روح وعمق كل شخصية؛ التى يتلبسها وكأنهما أصبحا شخصا واحدا؛ وإذا كان التمثيل هو فن احتراف الكذب؛ إلا أنه لا يؤمن بهذه المقولة ويراه دائما فنا يتجسد فيه الصدق!