الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشروطية الدعم وزواج القاصرات

مشروطية الدعم وزواج القاصرات

فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لتقديم العديد من البرامج والمنح التى تساهم فى التخفيف عن كاهل الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية فى القرى المصرية بالوجهين البحرى والقبلى تظهر إحدى المشكلات التى تنسف كل هذه الجهود من خلال تفشى ظاهرة مازالت للأسف منتشرة فى كثير من الأحيان وهى تزويج الفتيات الصغيرات. 



القضية التى نطرحها فى هذا المقال جاءت عبر تصريحات أطلقتها مؤخرًا الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى التى أكدت خلالها أن وزارة التضامن الاجتماعى تدرس ربط الدعم النقدى بمشروطية عدم الزواج المبكر للفتيات وأن الوزارة تدرس حالياً إجراء بعض التعديلات على شروط الحصول على الدعم النقدى «تكافل»، ومن بين هذه الشروط عدم تزويج الفتيات القاصرات دون السن القانونية للزواج وهى سن 18 سنة، وذلك حفاظاً على حماية الفتاة المصرية من التداعيات الصحية والاجتماعية للزواج المبكر على الأم الصغيرة وعلى أطفالها مما يهدد صحتهم وسلامتهم واستقرار الأسرة بشكل عام. الزواج شرعه الإسلام وهو عبارة عن علاقة حب ومودّة بين شخصين على سنّة الله ورسوله، فعلاقة الزواج يجب أن تكون قائمة على أسس صحيحة لكى تنعم الأجيال القادمة بتربية بدنية وأخلاقية تساعد فى بناء المجتمعات والدول وقد قال الرسول «صلى الله عليه وسلّم» عدّة أحاديث فى هذا الموضوع ومن ضمنها: عن أبى هريرة قال قال: «رسول الله صلى الله عليه وسلم»: «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير» وعن فقه الواقع والمستجدات فى مسائل زواج الصغار استخلصت من الاطلاع والبحث أن زواج الصغير والصغيرة قبل البلوغ يعتبر باطلًا لما فيه من آثار سلبية على الطفلة الصغيرة التى زوجها أبوها وهى ما زالت طفلة لا تعرف معنى الحمل أو الرضاعة وفى أغلب هذه الزيجات تموت الطفلة التى حملت بطفل فى بطنها وهى غير مكتملة البناء الجسدى الذى لا يستطيع تحمل مشقة الحمل والولادة والرضاعة. 

انتهى عصر المقولة الدارجة فى المجتمع المصرى زواج البنت سترة وأن الفتاة مصيرها فى النهاية إلى الزواج وأن أجدادنا تزوجوا فى سن مبكرة وأنجبوا من البنين والبنات العشرات.. كل هذه المغالطات لا تنطبق على هذا العصر الذى نعيش فيه بعد انتشار الأمراض والأوبئة والهرومونات والمبيدات التى وصلت لكل شىء حتى أن الفتيات اللاتى تزوجن وهن فى سن الواحد والعشرين القليل منهن من يلدن ولادة طبيعية. 

لم يعد من المسموح أن تقدم الدولة كل الدعم للأسر الفقيرة وفى المقابل تنتهك هذه الأسر براءة أطفالهم وتزوجهم فى سن مبكرة حتى أن هذا العمل لا يخلو من كونه شروعًا فى المتاجرة بأطفالهم بالزواج المبكر.. وهنا على الدولة أن تقابل هذا الجرم بقطع المساعدات المقدمة للأسر الفقيرة والأولى بالرعاية فى القرى والنجوع المصرية. 

اطلعت على آخر تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى آخر مسح ديموغرافى صحى فى مصر، كشف عن وجود 117 ألف طفل فى الفئة العمرية من 10 إلى 17 عامًا متزوجون أو سبق لهم الزواج، وأن محافظات الصعيد هى الأعلى من حيث معدلات الزواج والطلاق، بينما سجلت المحافظات الحدودية «البحر الأحمر وسيناء ومرسى مطروح وأسوان» أقل نسبة فى زواج الأطفال. 

كما يترتب على هذه الظاهرة مشكلات صحية واقتصادية واجتماعية لا حصر لها داخل المجتمع المصرى ومن هذا المنطلق جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة إصدار تشريع قانونى، يتم بموجبه منع الزواج المبكر للأطفال، ويضع سنًا قانونية للزواج حتى تستطيع الدولة التصدى لهذه الظاهرة المدمرة على العديد من نواحى الحياة فى بلدنا. 

يبقى أن أذكر أن وزارة العدل تقدمت بمسودة قانون يمنع زواج القاصرات فى عام 2018 تتكون من 6 مواد منها الحبس لمدة سنة لكل من زوّج، أو شارك فى زواج طفل أو طفلة لم يصل إلى سن 18 عامًا كما ألزمت كل مأذون شرعى بأن يقدّم للنيابة العامة إخطارًا للتصديق على عقود الزواج العرفى كما أوجبت المادة الثالثة عقوبة الحبس سنة لمن يحرر عقد زواج عرفى دون إخطار النيابة العامة. 

جريمة زواج الأطفال والقاصرات تحتاج إلى تشريعات عاجلة وقوانين حاضرة ورادعة إذا كنا نريد الحفاظ على معدلات التنمية والنهوض بالأسر الفقيرة وتوفير حياة كريمة تليق بالمصريين والأجيال القادمة.. تحيا مصر.