
محمود عبد الكريم
نظرية «وش القفص»
هل سمعت يوما أو قرأت عما يسمى نظرية أو سياسة وش القفص؟
لا أعتقد رغم انك جزء من هذه السياسة التى لا تطبق إلا فى السوق المصرية فقط وهى السياسة التى تتنافى مع كل القواعد التجارية ولا أبالغ إّذا قلت والدينية أيضا ومع ذلك لا يوجد تاجر أو بائع فى مصر لا يطبقها أملا فى تحقيق أكبر عائد مادى أو ربحى ولكن ما المقصود بلفظ» وش القفص»؟
وش القفص هو البضاعة التى يرصها البائع امام الزبائن والتى يختارها بعناية حيث تكون أفضل ما لديه من بضاعة ثم يرص الأقل جودة تحتها فإذا ما أقبل المشترى عليه أعطاه الفاسد أو الأقل جودة وترك «الوش « كما هو إلي آخر النهار فى انتظار مزيد من الزبائن ! هذا التصرف يعطى انطباعا للزبون بأن كل القفص نفس الوش وهو ما يعتبر نوعا من الغش.
عندما ظهر مشروع التاكسي الأبيض بدأ مشروعا مبهرا وأكثر تطورا ونظاما من التاكسي التقليدى الأسود، حيث العداد يعمل والمكيف داخل التاكسي يرطب الطقس الحار والسائق نظيف ورائحة صالون التاكسي عطرية لوجود فواحة عطرية تعطر الرائحة داخل التاكسي، ولكن ما أن يقبل الجمهور علي اختيار التاكسي الأبيض ويطمئن السائقون إلى أنهم احتكروا السوق وأنهم أصبحوا الاختيار الوحيد للمواطن المضطر حتى يغلقوا العداد ويختاروا الزبائن كما يفعل التاكسي الأسود، ويدخلوا فى مفاوضات مع الراكب على الجهة والمسافة والأجرة أيضا وتعود ريما الى عادتها القديمة.
وش القفص «تنطبق أيضا على المدارس التى يأتى المفتش من الوزارة لزيارتها والوقوف على مستوى الطلاب فيها فيعيد المدرس ترتب التلاميذ فى الفصل اثناء الزيارة فيجلس التلاميذ الأشطر والأذكى فى الصفوف الأمامية أمام المفتش ليختار منهم ويجعل الضعاف والأقل ذكاء فى الصفوف الخلفية وهكذا لا يمكن الحكم على المستوى الدراسي للمدرسة أو العملية التعليمية كلها.
حتى الخبز السياحى أو الحر الذى انتشر بيعه فى الشوارع بأسعار تقفز فى كل فترة قفزات خيالية، فى البدية عرض بسعر مقبول ووزن سليم يرضى الزبون مقابل جودة الصناعة وسلامة الوزن، وما أن يقبل الناس على هذا المخبز ويشعر الخباز أن رزقه اصبح مضمونا وأنه تحكم فى زبائنه وضمنهم حتى يبدأ فى التلاعب فى جودة الرغيف ووزنه وينطبق نفس الكلام على مطعم تم افتتاحه حديثا، حيث النظافة والساندويتش حجمه ممتاز ومشبع ويوازى السعر المدفوع فيه فضلا عن نظافة العامل وجودة الطعام فى الساندويتش، وما هى إلا شهور قليلة ويتقوم الرغيف والطمام ذابلة وعفنة أحيانا وحجم الرغيف يتقلص بشكل مرعب حتى أنه لا يكفى إطعام طفل صغير بينما السعر كما هو وهو ما ينطبق عليه فكرة وش القفص أيضا حيث البداية جيدة والنهايات سيئة حتى باتت السلع التى تقدم للمستهلك عادة لا تنطبق عليها أيه قواعد تجارية أو اقتصادية ولا ينطبق عليها سوى نظرية وش القفص وهو الاسم البديل للتدليس والنصب على الزبائن وتحقيق الأرباح الخيالية الحرام.