الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قلب القارة السمراء

قلب القارة السمراء

بمداد من ذهب وصلت القاهرة ما انقطع بينها وبين إفريقيا على مدار أكثر من ٣٠ عامًا مضت.. انتهت صلتنا بالقارة السمراء بعد واقعة أديس أبابا الشهيرة عام ١٩٩٥.. وهدمنا ما بناه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومقولته الشهيرة  «نحن جزء من القارة الإفريقية، والنيل،  سر وجودنا»..



هكذا عبّر عبدالناصر عن الارتباط الوثيق  بين القاهرة وإفريقيا. 

بعد ثورة ٢٣ يوليو لعبت مصر دورًا بارزًا ومحوريًا فى العديد من ملفات التحرر ومواجهة الاستعمار والدعوة إلى تحرر شعوب إفريقيا من الرق والعبودية والاستيلاء على ثرواتها الطبيعية، من هنا جاءت فكرة تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية وانبثق منها لجان متعددة لتحرير إفريقيا ومساعدة شعوبها لتنفض غبار الاستعمار والاستيلاء على مقدرات شعوب القارة السمراء. 

يكفى أن تاريخ النضال المصرى فى العمق الاستراتيجى الجنوبى بعد ثورة 23 يوليو وثق بكل عزة وافتخار، دورنا فى  دعم  حركات التحرر الإفريقى، حيث كانت أربع دول محررة وصلت إلى ثلاثين دولة  عام 1963، وكانت هذه البداية لقيام  منظمة الوحدة الإفريقية.

بالبحث والمقارنة اكتشفت الارتباط الوثيق بين ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ و٣٠ يونيو ٢٠١٣، ومدى التقارب المصرى الإفريقى بعد تلك الثورتين.

 القاسم المشترك بين يوليو ويونيو رغم الفارق الزمنى الذى يصل إلى نحو ما يقرب من ٦١ عامًا نصف قرن من الزمان وزيادة، أننا  كنا أيام «ناصر» فى قلب هذه القارة وبعد وفاته انشغلنا بتحرير الأرض فى سنوات حكم الرئيس السادات وانقطعت صلتنا بإفريقيا نهائيًا بعد محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك عام 1995 كما ذكرت إلى أن جاءت ثورة 30 يونيو.. الفارق الزمنى نحو 19 عامًا هذه السنوات كانت كفيلة بتهديد مصالحنا وأمننا القومى وسقطت مصر من الخريطة والذاكرة الإفريقية وقد حلت مكانها دول وأجهزة مخابرات لعبت بحق دورًا خطيرًا لقطع كل شرايين إفريقيا بالقاهرة.. ونجحت فى فرض سيطرتها على دول إفريقية بالمساعدات والتعاون الاقتصادى والدبلوماسى ودخلت على هذا الخط الخطير مجموعة من الدول المعادية لنا وقد نجحت فى تعطيل مصالحنا الاستراتيجية فى إفريقيا خاصة بعد ثورة يناير2011.. إلى هذا التوقيت كانت الأمور تسير على ما يرام فى إفريقيا.. ولم يعد لنا تواجد يذكر سوى البعثات الدبلوماسية المتعارف عليها بين الدول.. لفت نظرى العديد من الأخبار والأنشطة الاقتصادية والسياسية لبعض الدول العربية والأجنبية مع الدول الإفريقية فى فترات ماضية وكان يتبعها تقارير مخابراتية تؤكد أن مصر أصبحت خارج النطاق المحورى لإفريقيا.. إلى أن ظهر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2014، لن أبالغ عندما أقول: إن خريطة إفريقيا ودولها الاستراتيجية والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمصالح المصرية كانت لا تغيب عن عين القيادة السياسية ورجال الأجهزة السيادية المعنية بهذا الملف ولا أبالغ عندما أقول: إن إفريقيا ودولها بطول القارة وعرضها كانت بمثابة القلب من الجسد.  

تسلمت مصر عام 2019 رئاسة الاتحاد الإفريقى بقيادة الرئيس السيسى وقد شارك منذ توليه رئاسة الاتحاد  فى العديد من المؤتمرات والقمم الدولية  بالمشاركة مع قادة العالم فى أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا الشمالية، بهدف التعاون الاقتصادى بين دول القارة والغرب والدول الصناعية الكبرى وعلا صوت مصر مرة أخرى مدافعًا عن حقوق  الشعوب الإفريقية فى السلام والاستقرار والتنمية والرخاء بالمحافل والمؤتمرات الدولية وصدرت تعليمات رئاسية لكل الوزارات بضرورة التعاون وتقديم كل أشكال المساعدة لدول القارة السمراء. 

بفضل الله ما تحقق فى ملف إفريقيا خلال سنوات قليلة  استطاع استعادة النفوذ المصرى فى العمق الاستراتيجى الجنوبى للأمن القومى وللحديث بقية..  تحيا مصر