
محمد عبد النور
30 يونيو.. مصر والسيسى
الاختبار فى 30 يونيو2013، كان أكبر اختبار مر به المصريون طوال تاريخهم منذ مكن الله لهم كيانا على هذه الأرض وفى هذا المكان وبهذه الحدود الجغرافية منذ آلاف السنين، حتى مع فترات احتلال من جيوش أمم وحضارات، استوعبها المصريون وهضمتها الشخصية المصرية إلى أن رحلت بشكل أو بآخر وبقيت الأرض المصرية بحدودها التاريخية ثابتة وبقيت الشخصية المصرية على طبيعتها الخلابة من اعتدال وتسامح وتفاهم لكل ثقافة وقبول لكل آخر.
لكن اختبار 30 يونيوكان فى حد ذاته اختبار وجودى من حيث الشكل فى وحدة الأرض دون تقسيم وبقاء الحدود الجغرافية دون نقص أو اختزال ومن حيث المضمون فى ثبات الهوية المصرية دون تشويه أو طمس أو استبدال بهوية تتناقض تمامًا مع طبيعة المصريين التى شكلتها الآلاف من السنوات التى مضت والحضارة المصرية الإنسانية التى قامت وبعدها بدأ تسجيل التاريخ.
صحيح أن الأوطان تختبر فى عمرها لحظات مظلمة وفترات مؤلمة وقد جربناها فى يونيو 67 مع هزيمة واحتلال جزء من أرض وانكسار نفسى ولكنها كانت لحظة سوداء تعاملت معها العبقرية المصرية وتجاوزتها وجعلت منها ضوءًا بارقًا على الأرض وفى السماء وصنعت منها أجيالا عصية على الانكسار.
ولكن لم تكن لحظة 30 يونيو لحظة هجوم خارجى ولا كانت احتلال من جيش معتدٍ وإنما جاءت على يد مصريين فى فصيل مصرى مارق عنصرى نازى دموى، تسلل إلى مشاعر المصريين بمغازلة تدينهم وسماحتهم واعتدالهم، واستطاع بشكل أو بآخر أن يستولى على الحكم فيهم والتحكم فى مقدراتهم بمكتب إرشاد شيطانى ورئيس جاسوس وميليشيات سرية مسلحة، خططوا لتقسيم مصر وإهدار حدودها وتصنيف شعبها فى درجات، وعندما قاوم المصريون للحفاظ على هويتهم وأرضهم وحدودهم وكيانهم، قررت جماعة الإخوان الإرهابية استباحة الدم المصرى بالقتل والتقتيل وفتحت النار على صدور المصريين.
اختبار 30 يونيو، كان اختيارا مصريا إما أن تكون مصر مثلما كانت منذ آلاف السنين أرضًا واحدة ذات حدود ثابتة أوتصبح أرضا منقسمة بين فرقاء فى الشمال والجنوب والوسط بينهم حدود تقطع تواصلهم، لكل منهم جيش وميليشيات تتقاتل فيما بعد.
وإما أن تكون مصر كما كانت أرضًا للحضارة والمحبة والنسيج الاجتماعى الواحد تحت مظلة مبادئ المواطنة، أو أن يصبح المصريون مصنفين بين مواطنين من أتباع جماعة الإخوان الإرهابية وأغيار من غير الأتباع، مصريين أتباع ومصريين من غير الأتباع.
اختار المصريون أصالتهم وأرضهم وحدودهم ووحدة نسيجهم الاجتماعى، اختاروا الحياة والبقاء واختاروا دفع الثمن من أمنهم وأكل عيشهم وممتلكاتهم وأرواح شهدائهم من القوات المسلحة والشرطة وهم يستندون إلى جيش مصرى عظيم وقائد وطنى شريف فى لحظة اختبار وجودى، أعلن الرئيس السيسى مبكرا «أنا مصرى متدين.. لا أنا إخوان ولن أكون.. ولا أنا سلفى ولن أكون.. أنا مصرى».. وأقسم السيسى بأنه «لن يروع مصرى فى بيته أو رزقه أو أرضه واحنا موجودين.. نروح نموت أحسن».
وبهذا الإعلان وهذا القسم بقيت مصر كما كانت منذ الآلاف السنين أرضًا وحدودًا، وبقى المصريون.. مصريون كما كانوا لا هم أتباع ولا أغيار.. وفّى الرجل الشريف بقسمه.. واحتفظ السيسى للمصريين بأرضهم وهويتهم وسماحتهم واعتدالهم وانطلق يبنى ويعمر فى الأرض الطيبة لتصبح مصر «قد الدنيا».
ونكمل غدًا