الجمعة 26 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فتاة الفستان ومجرم المطار «وسافل الشوارع»

فتاة الفستان ومجرم المطار «وسافل الشوارع»

لا فارق فى الدلالات والإشارات بين ما تعرضت له فتاة الفستان فى جامعة طنطا وبين ما ارتكبه فتى المطار وبين إطلاق سافل ما لصفحة على إنستجرام تحت عنوان «.... شوارع» يعرض فيها صورًا التقطها فى الشارع لبنات وسيدات تسيرن فى الشوارع من زوايا معينة ويتابعه ما يقرب من 8 آلاف متابع، رغم التوصيف القانونى للحالة الأولى بالتنمر والثانية بالتحرش والثالثة لا أعرف لها توصيفًا.



فالأولى نالت من التقريز والإهانة العلنية والاعتداء على حريتها الشخصية وهتك عرضها بالقول والتلميح من موظفين عموميين وهى تؤدى الامتحان، ما يستحقون فيها أحكاما قضائية تصل الى السجن، والثانى احترف تصوير البنات والنساء من ظهورهن وقد حصل على جزائه بحكم قضائى بالسجن، والثالث انطلق فى شوارع المحروسة يصور بناتها ونسائها من الأمام والخلف والأجناب ونشرها على نطاق عريض.. ولينك الصفحة متاح لمن يطلبه.

وصحيح أن الإجراءات تم اتخاذها بالتحقيق فى التنمر بفتاة طنطا ومقاضاة فتى المطار وفى انتظار الانتباه لفتى الشوارع وضبطه ، إلا أن المسألة تعدت نطاق الحادثة الفردية أو النشاز السلوكى المؤسف الذى يؤكد صحة القاعدة الصحيحة كما يقول المثل.

 لتصبح بكل صراحة.. سمة عامة لدى قطاعات عريضة من المجتمع ، من يرى أنه الوحيد الصالح وغيره من الطالحين ويعطى لنفسه الحق فى تقويمهم ، ومن يعتبر أن حريته بوابة لانتهاك كل مفهوم أخلاقى، ومن هو على يقين من أن كل سلوك يرتكبه سواء كان أثره فعليًا أو معنويًا مؤذيا وجائرا ومحبطا هو حقه الأصيل بغض النظر أيضا عن أى مفهوم أخلاقى مستقر مجتمعيًا او فضيلة «عيب» أو «أصول» أو حتى خوف من ملاحقة قانونية. بالطبع هناك أسباب لم تصبح من الأسرار، منها حالة السيولة وإسقاط هيبة الكبير المقصودة والموجهة مع يناير 2011 كهدف من إهداف إسقاط الدولة، وفى مقدمتها خطاب عنصرى فاسد انتشر ونما مجتمعيا على مدار سنوات طويلة سابقة على يد خلايا جماعة الإخوان الإرهابية وتيارات الإسلام السياسى وشيوخ التضليل والضلال فى السموات المفتوحة وقاعات الأندية وجلسات الأثرياء، وآخرها التفاوت الرهيب فى الثروة بين أثرياء وفقراء.

ونفهم جميعًا أن مجابهة هذا السقوط المجتمعى لن تنجح بالقوانين والأحكام القضائية، ونتفهم أنها لن تتحقق بالملاحقات الشرطية وهى تتم يوميا، ونعترف بأن كل الدراسات الاجتماعية والنفسية والتى تفسر هذا السلوك الناشز عن طبيعة المجتمع المصرى طوال تاريخه تمت وتتم، إلا أن هناك أدوارًا غائبة فى المناهج التعليمية والانضباط المدرسى والتناولات الإعلامية والنشاطات الثقافية فى بيوت الثقافة والمكتبات العامة ومراكز الشباب.

 والأهم انشغال الأبوين عن تلقين الأطفال مفاهيم الأخلاق الصحيحة من محبة واعتدال وتسامح واحترام الآخر مهما كان اختلافه فى النوع أو اللون أو المعتقد.. ما يصح وما لا يصح من سلوك.. العيب والأصول.. أى ما ترسخ فى الشخصية النصرية منذ خلقها الله على الأرض.. وليس بغريب منها ولا غريب عنها.