الجمعة 26 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القرار فى سد إثيوبيا

القرار فى سد إثيوبيا

مصر والسودان لم يطلبا من مجلس الأمن وجلسته التى انعقدت بالأمس (بعد كتابة هذه السطور) اتخاذ اى اجراء عقابى فى حق اثيوبيا التى أظهرت سوء النية وعدم الارادة السياسية لتجنيب مصر والسودان الضرر البالغ من اتخاذها القرار الأحادى بتعلية السد وتنفيذ الملء الثانى دون الموافقة على اتفاق مشترك قانونى دائم لقواعد الملء والتشغيل بما يجنب مصر والسودان الضرر البالغ.



بالرغم من ان الإعلان الإثيوبى الرسمى قبل ايام عن بدء المرحلة الثانية من التخزين هو فى حد ذاته خرق كامل لاتفاق إعلان المبادئ والذى حمل الاعتراف المصرى السودانى بحق اثيوبيا فى التنمية دون الإضرار البالغ بمصر والسودان والذى انتج مفاوضات تجاوزت عشر سنوات لم تمارس فيها اثيوبيا سوى التعنت والرفض وعدم المرونة؛ والاعلان الاثيوبى الرسمى ببدء التخزين هو نسف لاتفاق المبادئ من أساسه.

الطلب المصرى السودانى من مجلس الأمن لم يتعلق بعقوبات او تدخل دولى خشن تحت قاعدة تهديد السلم والأمن العالمى - وهذا حق - والتى - يقينا- قد خرقها السلوك الإثيوبى بكل الوسائل وتم إثباتها نظريا وعمليا وعلى مشهد من المجتمع الدولى؛ وانما كان الطلب الموضوعى والقانونى والشرعى طبقا لمواثيق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولى بالدفع الدولى الى التوصل الى اتفاق قانونى ملزم فى قواعد الملء والتشغيل للسد فى اطار زمنى محدد (ستة اشهر) مع الامتناع عن اتخاذ اجراءات احادية كما جاء فى مشروع القرار الذى قدمته تونس الى مجلس الامن.

فالنوايا الحسنة المصرية لم تتغير منذ اللحظة الاولى واللهجة المصرية فى الاعتراف بالحق فى التنمية دون ضرر بالغ بمصر والسودان لم يتبدل وايضا من اللحظة الاولى واحتفاظ مصر بكل الخيارات المفتوحة واقع مؤكد وقد حان الوقت ليتولى المجتمع الدولى مسئولياته وأن يلعب مجلس الامن دوره فى حفظ السلم والأمن العالمى.

صحيح ان مشروع القرار الذى تقدمت به تونس العضو غير الدائم فى مجلس الامن فى الشق الخاص بتوقف اثيوبيا عن الملء الثانى لحين التوصل لاتفاق غير قابل للتطبيق من الناحية الفنية؛ لأن إثيوبيا أوشكت على الانتهاء من تعلية الممر الأوسط بحوالى 8 أمتار وسوف تتجمع المياه أمام السد إلى أن تصل إلى قمة الارتفاع الجديد يوم 20 يوليو.

إلا أن نقطة الحسم هى فى طلب مجلس الأمن من كل من «مصر وإثيوبيا والسودان استئناف مفاوضاتهم بناء على طلب كل من رئيس الاتحاد الأفريقى والأمين العام للأمم المتحدة، لكى يتوصلوا، فى غضون ستة أشهر، إلى نص اتفاقية ملزمة لملء السد وإدارته» ودعوتهم  إلى «الامتناع عن أى إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرض عملية التفاوض للخطر»، ويحض فى الوقت نفسه «إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد فى ملء خزان سد النهضة».

 فالإجراء الاثيوبى بالملء او عدم الملء ليس هو مشكلة الازمة فى الاساس وانما الأزمة فى التعنت الاثيوبى فى التوصل الى اتفاق ملزم لقواعد التشغيل والملء ورغبتها فى عدم اتمام الاتفاق لأسباب سياسية واستراتيجية لم تعد سرا من الاسرار.. وهو ما لا يمكن ان تقبله مصر.