اشرف ابو الريش
تطوير مقامات آل البيت
«من ذاق عرف».. جملة بسيطة من ثلاث كلمات كنت أسمعها من أولياء الله الصالحين فى مجالس الذكر ومجالس الصلاة على حضرة النبى صلى الله عليه وسلم.. لا أخفى سرا أن فضل الذكر ومجالس الصالحين تفتح كل الأبواب المغلقة وتنطلق بالروح إلى آفاق الطمأنينة والسكينة فيصل الإنسان إلى درجات من الشفافية والإخلاص ويرسل الله له البشارات الطيبة وتدركه رحمة الله فى حياته وبعد مماته.
من المنح الإلهية التى أنعم الله بها على مصرنا الحبيبة وأهلها عترة آل البيت رضى الله عنهم جميعا ومن كرم الله على الوطن أن يرزقنا برجل كتب الله عليه الإخلاص قولا وفعلا.. أرض مصر الصحراء تحولت إلى جنة خضراء ومدن عالمية.. العشوائيات فى طريقها إلى زوال.. المشروعات القومية التى كانت تحتاج إلى ما يقرب من سبعين عاما انتهت فى سبع سنوات وغيرها الكثير من التحولات العظيمة التى حدثت فى بضع سنوات بسيطة وكتبت عنها على مدار الثلاث سنوات الماضية.
نأتى إلى الحب والمحبة التى جعلت من المصريين شعبا مختلفا عن جميع أجناس العالم وخلقت منه نموذجا رائعا من الوسطية والاعتدال والتسامح الإنسانى على مر العصور وهذا ما دفع آل البيت رضى الله عنهم أن يسكنوا مصر ويفضلوها على كل بلاد الدنيا بعد ما تعرضوا له فى «كربلاء» بالعراق.
لقد حظى الاجتماع الأخير أول أمس فى رئاسة الجمهورية بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن تطوير أضرحة «آل البيت» بكل تقدير، وجعلها مزارات عالمية أثرا عظيما ليس فى قلوب المصريين فقط وإنما على مستوى أشراف العالم حتى أن نقيب أشراف المدينة المنورة الدكتور أنس الكتبى أرسل إلى كلمات موجزة يقول فيها:
إن ما قام به سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى أمر يفرض على كل الأشراف فى العالم الإسلامى الاحترام وتقديم جزيل الشكر والدعاء له بالتوفيق والسداد فقد أعز بذلك الأمر مقامات آل البيت فى أرض الكنانة فأصبح له جميل معلق فى رقابنا نحوه نحن السادة الأشراف فى الحجاز والعالم الإسلامى بأكمله وهو ما يؤكد أن مصر كانت ولا تزال ملاذ من يقصدها فى حياته وتكرمه بعد مماته فمن دخلها بسلام أمنته وحفظته وهذه هى مصر التى عرفت على مر التاريخ بمنهجها الوسطى الحضارى الراقى وما نراه اليوم هو إعادة مجد وبناء دولة عصرية أقرب إلى التيسير وأبعد عن التنفير لتكون رمزًا حضاريًا شامخًا يحتذى بحذوه الأمم فى الحفاظ على الإنسانية، كيف لا وهى محفوفة محفوظة بآل البيت الأطهار وأولياء الله الأبرار.. مصر بحق تعيش فى عصر الجمهورية الجديدة.. انتهت رسالة نقيب أشراف المدينة.
فى مصر يرقد أربعة من كبار آل البيت وقد أمرت القيادة السياسية بتطوير أضرحتهم لتصبح على أفضل الطرز المعمارية العالمية.
أولهم الإمام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما. وإليه ينسب المشهد الحسينى فى القاهرة.. ثانى أهم شخصيات آل البيت التى حضرت إلى مصر هى عقيلة بنى هاشم السيدة زينب بنت على بن أبى طالب وأخت الحسين وصلت السيدة زينب بنت على إلى مصر فى شعبان عام 61 هجرية، وخرج لاستقبالها جموع المصريين وعلى رأسهم والى مصر الأموى مسلمة بن مخلد الأنصارى. وأقامت السيدة زينب فى بيت الوالى حتى وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلى مصر يوم 14 رجب من عام 62 هجرية، ودفنت فى بيت الوالى، الذى تحول إلى ضريح لها.
والشخصية الثالثة هى السيدة نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، فهى ابنة حفيد الحسن بن على بن أبى طالب وصاحبة المقام الشهير باسمها فى مصر القديمة.
جاءت السيدة نفيسة إلى مصر يوم السبت 26 رمضان 193 هجرية، ففرح المصريون فرحًا عظيمًا واستقبلوها استقبالًا حافلًا من العريش حتى وصلت مدينة مصر (الفسطاط).
سكنت السيدة نفيسة فى بيت وهبه لها واحد من كبار التجار ويسمى جمال الدين عبد الله الجصاص. ثم انتقلت لتقيم فى بيت أم هانئ وهى من العابدات. وأخيرًا انتقلت لدار وهبها لها والى مصر السرى بن الحكم وكان ذلك عام 201 هجرية. وهى الدار التى دفنت فيها بعد ذلك.
عاشت السيدة نفيسة فى مصر حوالى 7 سنوات، حتى مرضت وماتت عام 208 هجرية. ودفنت بنفس الدار التى كانت تقيم فيها.
والشخصية الرابعة هى السيدة عائشة ابنة الإمام جعفر بن محمد الباقر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب. فهى من آل البيت.
جاءت إلى مصر فى عهد الخليفة العباسى أبى جعفر المنصور هربًا من بطشه بآل البيت. فأقامت فى مصر مدة، وكثر مريدوها من أهل مصر، وتوفيت سنة 145 هجرية، ودفنت فى منزلها.
أجمع المؤرخون على قدوم السيدة عائشة إلى مصر ووفاتها فيها. ويقول السخاوى فى (تحفة الأحباب) إن السيدة عائشة مدفونة فى مصر، وأنه عاين قبرها فى تربة قديمة على بابها لوح رخامى مدون عليه «هذا قبر السيدة الشريفة عائشة من أولاد جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام على زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه».
هؤلاء أربع شخصيات من آل البيت أكد معظم المؤرخين قدومهم إلى مصر، وأنهم بالفعل أصحاب الأضرحة الموجودة بأسمائهم.. نصر الله مصر ببركة آل البيت وجعل أهلها وجيشها فى رباط إلى يوم القيامة.. تحيا مصر..