اشرف ابو الريش
النيل العظيم
نهر النيل العظيم لو كتبت فيه عشرات المقالات لن نفى حقه على مصر وشعبها.. من شدة حبى لهذا النهر منذ كنت صغيرًا أصبحت هناك لغة عجيبة بينى وبين النيل بفرعيه دمياط ورشيد.. فى هذا التوقيت من كل عام يفيض النهر بالخيرات على أرض مصر التى تروى بهذا الماء فتخرج لنا خيرات الأرض الزراعية من المحاصيل والفواكه والثمار ويتجدد شباب هذا الشريان الربانى الذى لم ولن يتوقف مدى الحياة بإذن الله.
أمر على نهر النيل منذ سنوات طويلة وأصبحت بالعين المجردة أستطيع أن أحدد نسبة الفيضان فى كل عام.. لفت نظرى منذ أيام امتلاء المجرى النيلى فى الفرعين بنسبة كبيرة عن العام الماضى.. العديد من الجزر الواقعة داخل حرم النهر وجزء من أراضى طرح النهر تغمرها المياه وقد فاضت حتى وصلت إلى ارتفاع بلغ عدة أمتار.. هنا أرجع بذاكرتى إلى الوراء عندما كتبت فى سلسلة مقالات «ويظل النيل يجرى» منذ عدة شهور وأشكر الله أن أجرى على لسانى بأن النهر لن يتوقف وسيظل يجرى حتى قيام الساعة «وأن قدرة الله فوق قدرة البشر» وفوق قدرة كل المخططات التى تحاول وقف جريان هذا الشريان الذى خلقه الله منذ قديم الأزل.
علينا أن نقدم الشكر لله على نعمة النيل ثم لدولة ٣٠ يونيو والجمهورية الجديدة التى خططت ونفذت العديد من المشروعات القومية العظيمة للاستفادة من مياه النهر والاستعداد لموجات الفيضان السنوى خلال هذا الشهر من كل عام.. يحسب للدولة ما قامت به فى مشروع السد العالى أيام الرئيس
جمال عبدالناصر وفى تقرير صدر عن الهيئة الدولية للسدود والشركات الكبرى، قُيِّم السد العالى فى صدارة جميع المشروعات، واختارته الهيئة الدولية كأعظم مشروع هندسى شيد فى القرن العشرين.
كان الفيضان قبل بناء السد العالى يغمر مصر، وفى بعض السنوات حين يزيد منسوب الفيضان يؤدى إلى تلف المحاصيل الزراعية وغرقها، وتغرق المياه بيوت الفلاحين فى القرى والعزب والنجوع وفى سنوات أخرى حين ينخفض منسوبه تقل المياه وتبور الأراضى الزراعية ولذلك أصبح السد العالى صمام أمان لوطننا الحبيب.
بعد مشروع السد العالى يأتى مشروع قناطر أسيوط الجديدة الذى افتتحه الرئيس السيسى ويعد من أكبر المشروعات المائية المقاومة للزلازل.. هذه القناطر التى صممت بأيدٍ مصرية تساهم بشكل كبير فى تحسين الرى والمساهمة فى زراعة مليون و650 ألف فدان، فضلًا عن توليد طاقة كهربائية نظيفة بقدرة
32 ميجاوات، من خلال 4 توربينات، توفر نحو 15 مليون دولار سنويًا، فى حال تم إنتاج نفس الكمية باستخدام الوقود، قناطر أسيوط بها، هويسان ملاحيان من الدرجة الأولى، بأبعاد 17 مترًا للعرض، وبطول 170 مترًا، يسمح بمرور وحدتين ملاحيتين فى ذات التوقيت فى زمن عبور قياسى يقدر بـ11 دقيقة ويوفر الكثير من الوقت والجهد للمراكب النيلية والسياحية القادمة من الأقصر وأسوان إلى القاهرة والعكس.
بفضل الله كان للقيادة السياسية والحكومة نظرة شاملة للحفاظ على نهر النيل من خلال التوسعة المستمرة للمجرى وتنقية الحشائش وورد النيل الذى كان يستهلك رصيدًا كبيرًا من المياه.. ويأتى مشروع «تبطين الترع» كأحد أهم المشروعات القومية التى تُنفذ فى الوقت الجارى ويمثل أحد أركان خطة الدولة الطموحة لتعظيم الاستفادة من المياه وتوفير الاحتياجات المطلوبة لكل القطاعات بشكلٍ عام وللقطاع الزراعى بشكلٍ خاص، حيث تستهدف الدولة فى الوقت الحالى تحسين حالة الرى فى مساحة مليون فدان من الأرض الزراعية الجيدة فى الدلتا وفى الوجه القبلى.
الرؤية الطموحة والنظر بعين الاعتبار لنهر النيل وأن الله اختص مصر بهذا المورد العظيم ترجمته الحكومة من خلال مشروع «ممشى أهل مصر» هذا المشروع الحضارى الذى يجعل من نهر النيل متنفسًا ومتنزهًا غاية فى الروعة والجمال للمصريين وضيوفهم من كل مكان فى العالم ويقضى على جميع التعديات التى حاولت الاستيلاء بشكل خاص على ضفتى النهر لصالح بعض المصريين.
نهر النيل بمثابة الروح من جسد كل المصريين ولن تتوقف هذه الروح بفضل الله شاء من شاء وأبى من أبى مثلما قال الرئيس مؤخرًا وعلينا أن نغرس فى نفوس وعقول الأجيال الجديدة محبة النيل والحفاظ عليه لأنه أصل الحياة لكل المصريين على مر العصور.. تحيا مصر