الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 66

لغة الجينات 66

 لو لقيت حد يحبك، فأنت إنسان محظوظ،... وإذا كان وفيًا صادقًا فى حبه، فأنت أكثر الناس حظًا.



الوفاء.. مش كلمة ولا سلوك.. هو طبيعة فى النفس الذكية.. تصرف يومى مش وليد لحظة ولا موقف.. دليل قوى على طيب الأصل والجينات الأصلية.. الوفاء الحقيقى لا يبتعد عنه ويهرب منه إلا أصحاب الجينات الخبيثة ممن أدمنوا اللا وفاء.. تتكشف حقائقهم وتنزاح أقنعتهم عند حدوث المواقف، فوقتها تتضح معادن الناس وتظهر على واقعها الحقيقى.

«الوفاء» فى الظاهر صفة جميلة وفى الباطن فرض لازم وحق واجب مع وعلى كل من كان وفيًا لك.

أصحاب الجينات الخبيثة لا يعرفون الوفاء، فى الظاهر مؤدبين أدب القرود وفى الباطن تحكمهم المصلحة، المكسب المنتظر والفائدة المرجوة، ينتظرون الثمن لأدبهم الزائف وتمثيلهم الوفاء.. فإذا لم يحصلوا على الثمن ظهر معدنهم الحقيقى الخبيث اللئيم.

«كوكب الشرق أم كلثوم» واحدة من أصحاب الجينات الأصلية التى ملأت الدنيا حبًا ووفاء وصدقًا.. فى الظاهر مطربة شهيرة ملء السمع والبصر.. وفى الباطن تجسيد حقيقى مكتمل لمعنى الوفاء فى كمل شىء.. الوفاء لبلدها ولأهلها وناسها ولوطنها العربى كله.

«ثومة» فى الظاهر مطربة يسهر الملايين فى أنحاء العالم العربى لسماعها فى الخميس الأول من كل شهر... ويأسر صوتها كل من يسمعه.. حتى الآن من المحيط إلى الخليج.. وفى الباطن كانت دنيا بأسرها.. موهبة، وشخصية ونفوذاً وسلطة حقيقية.. وفاء نادرًا.

«ثومة» فى الظاهر فلاحة،يعرفها جيدًا أهلها فى قريتها «طماى الزهايرة» وفى الباطن سيدة صالون من الطراز الأول، مثقفة ودودة لها فكر راق.

«ثومة» فى الظاهر من أنقى الأصوات العربية وأعلاها من حيث تطابق معدنها الصوتى مع المعادلات الرياضية للسلم الموسيقى.. وفى الباطن لم ترض يومًا عن أدائها، وترى أن هناك الأفضل، وربما ذلك هو سبب نجاحها غير المسبوق فى التاريخ.

«وفاء ثومة» يحتاج إلى كتب كاملة وليس مجرد مقال عابر.. فسيدة الغناء العربى التى تنحنى أمامها هامات الرجال احترامًا.. لم تنس يوما أهالى قريتها.. كانت لها عزبة فى القرية تبرعت بها جميعها كاملة للناس الطيبين التى نشأت بينهم وأحبتهم وأحبوها 11.5 فدان لأهل قرية طماى، و3.5 أفدنة للتعاون الزراعى والوحدة الصحية بوزارة الصحة.

«ثومة» بعد هزيمة يونيو 1967 اتهمها أصحاب الجينات الخبيثة بأنها أحد أسباب الهزيمة، وقالوا إنها ساهمت فى تغييب الناس بأغانى الحب والغرام.. كتمت غيظها وقررت الاعتزال.. فى الظاهر جلست فى بيتها بالزمالك.. وفى الباطن كانت بركانًا من نار ونور يريد الانفجار لمساعدة بلدها... كظمت حزنها ومراراتها من الهزيمة ومن حملة التشويه الظالمة ضدها، التى أطلقها بعض السفهاء والجهلاء والحاقدين من أصحاب الجينات الخبيثة زاعمين أن العرب خسروا الحرب بسبب أم كلثوم» وأن أغانى الحب والعواطف والهيام بمثابة حقن تخدير.

 عادت سيدة الغناء للغناء، أعلنت التراجع عن الاعتزال واعتبار نفسها «جندى» فى ميدان القتال بصوتها للدفاع عن مصر وشحذ الهمم وتحفيز الناس. ردت بشكل عملى على أصحاب الجينات الخبيثة والذين تقاعسوا عن المشاركة فى محنة الوطن وتفرغوا للشماتة.

وهبت كل ما تحصل عليه للمجهود الحربى.. فى الظاهر عادت لعشقها..الوقوف على المسرح يشدو صوتها الرائع بأجمل الألحان.. وفى الباطن تقوم بجمع المبالغ المالية من إيرادات حفلاتها داخل وخارج مصر، إضافة لمجموعة كبيرة من المجوهرات التى جمعتها من الوطن العربى لدعم مشروعات خيرية تقوم على النهوض بالبلاد فى ظل الأجواء العصيبة التى مرت بها مصر... وشاركها المصريون هذا الحس الوطنى، فقاموا بدفع قيمة التذاكر مضاعفة لحضور حفلاتها دعمًا لأفكارها والوقوف بجانبها.

وشاركها الشعب كله فى التبرع للمجهود الحربى بالمجوهرات والأموال وحتى بثمن تذاكر حفلتها فقد كان أعلى إيراد لحفلات أم كلثوم العادية لا يتجاوز 18 ألف جنيه لكن ومع أول حفلة لصالح المجهود الحربى فى مدينة دمنهور جمعت 80 ألف جنيه وقدمها محافظ البحيرة وقتها وجيه أباظة للجمهور على أنها «أم كلثوم المناضلة التى تقاتل بأمضى سلاح وهو سلاح الفن، وفى الإسكندرية بلغ إيراد حفلها إضافة إلى التبرعات 100 ألف جنيه و40 كيلوجراما من الحلى بقيمة 82 ألف دولار.. وفى حفلة المنصورة حققت 125 ألف جنيه وفى طنطا 284 ألف جنيه.

لم تكتف بحفلات الداخل فى مصر فغنت فى حفلة باريس الشهيرة على مسرح الأوليمبيك وقدمها الإذاعى الكبير الراحل جلال معوض وفى حفلتها الثانية فى باريس قال الزعيم الفرنسى شارل ديجول بعد الاستماع إليها «لمست معها أحاسيسى وأحاسيس الفرنسيين جميعاً». واستطاعت كوكب الشرق تحقيق إيرادات من حفلات باريس 212 ألف جنيه إسترلينى لصالح المجهود الحربى.

لم ينته عام 1970 إلا وأم كلثوم قد جمعت للمجهود الحربى أكثر من 3 ملايين دولار. ولم يدخل جيبها دولار واحد رغم المشقة والعناء فى التنقل والسفر وقد تجاوزت من العمر 68 عاماً.

الم أقل لكم إن الوفاء عند أصحاب الجينات الأصلية طبيعة فى النفس الذكية.. تصرف يومى مش وليد لحظة أو موقف....مش قلت لكم اللى يلاقى وفاء من حبيبه هو أسعد خلق الله.. وأكثرهم حظًا....فاعلم أن الوفاء فى الظاهر والباطن من شيم الكرام والغدر ظاهره وباطنه من صفات اللئام.

لا تندم على خير فعلته مع من لا يستحقون.. أصحاب الجينات الخبيثة مدمنى قلة الوفاء فأنت عملت بأصلك وهم عملوا بأصلهم لأنهم اعتادوا على الغدر والخيانة... اعلم أن الوفاء حفظ للعهود والوعود، وأداء للأمانات، واعتراف بالجميل، وصيانة للمودة والمحبة.