الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 67

لغة الجينات 67

عندنا مثل شعبى عبقرى بيقول «آخرة خدمة الغز علقة» المثل ده بينطبق تماما على أصحاب الجينات الخبيثة واللى بنقابلهم فى حياتنا بشكل يومى تقريبًا.. شخصيات اتعودت على نكران الجميل  ومقابلة الحسنة بالسيئة.. ومقابلة عمل الخير بـ«الشر».



فى الظاهر بيقدموا لك الشكر على الخير اللى عملته فيهم.. وفى الباطن عقدة النقص جواهم بتدفعهم يحقدوا عليك.. بيتضايقوا من وقفتك جنبهم ..وبدل ما مايشكروك، بيلعنوا اليوم اللى حوجهم ليك وخلاك أحسن منهم .

النوع ده من أصحاب الجينات الخبيثة  فى الظاهر بياخدوا مكاسب كثيرة فعلا  لكن  فى الباطن عمرهم ماعرفوا يفرحوا بالمكاسب دى لأنهم أخدوها فى السر وخافوا يعلنوها لأنهم لا يستحقون هذه المكاسب ولأنهم فى المقابل  خانوا بلدهم وناسهم وأهاليهم.. قدموا خدمات أقلها لحس الأحذية والانكسار وخيانة أقرب الناس لهم.

النوع ده من أصحاب الجينات الخبيثة بيتصيدوا، الأخطاء للجميع ويقلبوا الحلو وحش..عشان يقنعوا نفسهم إن مفيش حد أحسن من حد ..وأن كله ناقص زيهم.. بيقارنوا نفسهم دائما بأصحاب الجينات الأصلية  ويتحسروا ويحقدوا وينفسنوا.

أصحاب الجينات الأصلية مايعرفوش غير الخير.. فى الظاهر بيعملوا مش فاهمين أصحاب الجينات الخبيثة وبيستمروا فى عمل  الخير ..وفى الباطن عارفين ومتأكدين أنهم ناكرون للجميل لكن لأن دى طبيعتهم وحياتهم.. بيستمروا فى  الإحسان حتى لمن يسئ لهم.

أصحاب الجينات الأصلية الإحسان عندهم دليل على النبل، واعتراف بفضل النور اللى مالى قلوبهم وحياتهم .. عرفان للجميل، وقيام بالواجب، الإحسان وتقديم الخير عندهم،  بينم  عن الصفاء، الوفاء.

«أصحاب الجينات الأصلية مابيفكروش هيعملوا الخير فى مين ولا أيه المقابل.. ماشيين ورا النور اللى جواهم واللى بيتحكم فى كل حياتهم ..زى بالضبط  البولندية «ماريا أندريجك» اللى فازت  بالميدالية الفضية فى مسابقة رمى الرمح، بأولمبياد طوكيو .

«ماريا» فى الظاهر شابة وبطلة قوية وجميلة.. الجميع أطلق عليها حسناء الأولمبياد.. وفى الباطن إنسانة رقيقة وجميلة لا تفكر هتقدم الخير لمين ولا إيه المقابل.. فقط بتقدم الخير وهى سعيدة  فبعد أسبوعين من تحقيقها المجد لبلادها، والفوز بالميدالية الفضية، أعلنت  «حسناء الأولمبياد» التبرع بميداليتها لعلاج طفل رضيع فى بلادها.

«ماريا « عرضت  ميداليتها الفضية التاريخية، فى مزاد عام للبيع، وخصصت الثمن لإنقاذ حياة رضيع بولندى اسمه «ميلوزيك ماليسا» يصارع الموت... بسبب مرض خطير فى القلب، وتحتاج عائلته للسفر على وجه السرعة، من بولندا إلى جامعة ستانفورد فى كاليفورنيا الأمريكية، لإجراء جراحة قلب حساسة، تختص بها الجامعة هناك.

عائلة الطفل الصغير كانت تحتاج  إلى 385 ألف دولار، لتغطية تكاليف السفر والعلاج، وبسبب المبلغ الضخم طلبت العائلة من البطلة الأولمبية المساعدة، وهى لم تتردد لحظة فى أنها تعلن عن إنسانيتها والنور اللى فى قلبها.

العائلة نجحت بجمع نص المبلغ، كتبرعات من ناس كتير انتصرت الإنسانية بداخلهم.. وكان على ماريا أنها توفر النصف الثانى.

«ماريا « فى الظاهر كان ممكن تكتفى بالتعاطف مع الأسرة.. تقديم مبلغ رمزى.. أو حتى المشاركة فى جمع التبرعات بالإعلان على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعى.. لكن فى الباطن كانت تعلم أن الوقت يمر وكل دقيقة لها ثمن فعرضت الميدالية فى مزاد وباعتها علشان توفر النصف الثانى من تكاليف العملية.. ضحت بالمجد اللى حققته بعد عذاب علشان تشوف أسرة لا تعرفها وليس بينها وبينهم أى علاقة وبتحقق حلمها فى إنقاذ ابنهم الصغير.

الأجمل من موقف ماريا.. موقف الشركة التى اشترت الميدالية فى المزاد ... الشركة اللى اسمها «زابكا» وبتشتغل فى مجال الأغذية أعلنت بعد شراء الميدالية وتسديد الثمن إهداء الميدالية مرة أخرى إلى ماريا، من دون مقابل، تكريما لها على موقفها الإنسانى.

عائلة الرضيع البولندى فى الظاهر ستسافر  إلى كاليفورنيا لإجراء العملية المهمة، بعد أن جمعت المبلغ بفضل الموقف الإنسانى لـ»حسناء الأولمبياد»... وفى الباطن قدمت لنا قيمة كبيرة جدا اسمها الإنسانية وحب الخير.

أعلم أن أصحاب الجينات الأصلية هم الأبقى.. لا يعرفون اللؤم والخبث..

لا يعرفون العيش بوشين.. ولا يصلحون أن يكونوا عبيدا خدامين فجيناتهم فى الظاهر كما الباطن.. مستعدون لخسارة الدنيا وكل المكاسب من أجل التزامهم وإخلاصهم للنور بداخلهم .

أعلم أن أصحاب الجينات الأصلية

لا يداهنون ولا يساومون.. لا يركعون  من أجل شيء.. فكل ما يريدونه يأتيهم بكرامة وشرف حتى وإن تأخر، ووقتها يشعر أصحاب الجينات الخبيثة بضآلة أنفسهم والخبث الذى يعشش فى حياتهم فيحولها إلى خراب، وقتها يعلمون جديا أن «آخرة خدمة الغز علقة».

كن دائما مثل «ماريا» واعلم أنك عندما تعيش بكرامة وتسعى لإسعاد الآخرين.. سيبعث الله لك من يعيش ليسعدك فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.