الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
65 سنة إبداع

65 سنة إبداع

بدأت رحلة إبداع الكاتب الكبير الأستاذ نجيب محفوظ عام 1939 بروايته التاريخية «عبث الأقدار» والتى نشرها فى سن الـ 28 عامًا واستمرت حتى كتابه الأخير «أحلام فترة النقاهة» عام 2004 فى سن الـ 93 عامًا وخلال رحلة الإبداع الكبيرة تم تتويجها بفوزه بجائزة نوبل للآداب عام 1988 تلك الجائزة التى يراها البعض أقل من قدر هذا الكاتب الكبير ويراه البعض إضافة للجائزة أكثر من أن تكون الجائزة إضافة له.



أتذكر فور فوزه بالجائزة أن قمت أنا وأحد أقاربى الأعزاء بطرق باب منزله طالبين رؤيته واللقاء معه وهو ما لم يتحقق للأسف حيث قابلتنا زوجته الفاضلة السيدة عطية الله إبراهيم بحفاوة كبيرة واستمرت فى الحديث معنا لمدة طويلة معذرة لعدم وجود الأستاذ بالمنزل موجهة إيانا لمقابلته فى المقهى الشهير الذى كان يتردد عليه بميدان التحرير حيث مازلت أتذكر هيئتها وعباراتها الرقيقة بعد مرور عشرات السنين على هذا اليوم.

خلال الأيام القليلة الماضية ثارت عاصفة من الهجوم والجدل حول قيام ابنته العزيزة السيدة أم كلثوم بالتعاقد مع إحدى دور النشر الإلكترونية لإتاحة كل أعماله مجانًا فى صورة كتب إلكترونية من خلال المنصة الإلكترونية لتلك المؤسسة.

عودة إلى العقد الحالى والذى سينتهى العام المقبل والبالغ قيمته مليون جنيه لمدة عشرين عامًا وهو مبلغ زهيد جدًا أن يكون مقابل إبداعات كثيرة على مدار 65 عامًا، والذى بحسبة بسيطة نتبين أن قيمة كل عام من أعوام العقد هى 50 ألف جنيه فقط أى حوالى أربعة آلاف جنيه شهريًا!!!

وللأسف لم أستطع أن أمنع نفسى من البحث عن قيمة ما يتقاضاه ما يطلق عليهم مطربو المهرجانات, وهنا أجدنى متعمدًا استخدام إداة الربط الجازمة «ما» والتى تستخدم لغير العاقل بدلًا من استخدام أداة الربط «من» والتى تستخدم للعاقل نظرًا لإيمانى بأن ما يقدم لا يمت للعقل وللإنسانية من أى اتجاه سواء بالنسبة لمن يغنى بهذه الطريقة أو بمن يشجعهم عليها ويجعل لهم سعرًا كبيرًا يصل أحيانًا إلى 40 ألف جنيه فى الساعة الواحدة.

محاولة المقارنة بين سعر الساعة لهؤلاء الأشخاص مقارنة بقيمة أعمال الأستاذ فى هذا العقد المجحف والتى تمثل عشر القيمة تجعلنى فى حالة إحباط وذهول ثم أحاول أن استفيق من تلك الصدمة, فأجد أن الحل الوحيد لها ألا يكون للمال أى اعتبار أو تواجد فى تلك المقارنة الغاشمة وأجد أن ما فعلته ابنته العزيزة هو عين العقل ولا أزيد أن قلت أننى أعتقد أن الأستاذ نفسه لو كان حيًا بيننا لأقدم على الفعل ذاته.

وهنا أجدنى أقول هنيئًا للثقافة المصرية والعربية ومحبيها الناطقين بالعربية بهذا الاتفاق الجديد الذى أتوقع أن يساهم كثيرًا فى نشر تلك الأعمال فى محاولة جادة ومشكورة لرفع الوعى الثقافى والارتقاء بالرواية العربية فى كل زمان ومكان.