الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وستبقى مصر مقبرة للغزاة

وستبقى مصر مقبرة للغزاة

اليوم يمر ٦٥ عاما على العدوان الثلاثى  أو حرب 1956 كما تعرف فى مصر والدول العربية أو أزمة السويس أو حرب السويس كما تعرف فى الدول الغربية أو حرب سيناء أو حملة سيناء أو العملية قادش كما تعرف فى اسرائيل. وبالتحديد يوم  الاثنين التاسع والعشرين من شهر اكتوبر عام ١٩٥٦



وكنت طالبا بالمدرسة السعيدية بالجيزة وفوجئنا فى هذا اليوم بخبر إعلان الحرب على مصر وأعلنت حالة الطوارىء بالبلاد وأجلت الدراسة لحين انتهاء العدوان وتلاحقت أحداث الحرب وشاهدت طائرات العدو  فى  سماء الجيزة  بغارات مستمرة ومدافع الدفاع الجوى المصرى تلاحقها وسمعنا عبر موجات الراديو خطاب عبدالناصر بالجامع الأزهر يحث المواطنين على مقاومة العدوان.

اما عن أسباب الحرب فقد رأى عبدالناصر فى تأميم قناة السويس فرصته الوحيدة للحصول على التمويل اللازم لبناء السد العالى، بعد أن رفض البنك الدولى تمويل مشروع السد العالى بايعاز من بريطانيا وأمريكا. 

وبالفعل أعلن فى 26 يوليو 1956 قرار التأميم، ومع فشل الضغط الدبلوماسى على مصر للعدول عن قرارها قررت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وضع خطة لاستخدام القوة العسكرية ضد مصر أُطلق عليها بروتوكول سيفرز آملين بذلك تحقيق مصالحهم من تلك الضربة، فعلى الصعيد البريطانى كان الهدف التخلص من عبدالناصر الذى هدد النفوذ البريطانى بتحقيق الجلاء، وتحالف مع السوفييت، وأمم القناة التى تمر منها المصالح البريطانية، وعلى الصعيد الفرنسى كانت فرصة للانتقام من عبد الناصر الذى ساند ثورة الجزائر، وأمم القناة التى كانت تحت إدارة فرنسية، فى حين وجدت إسرائيل فرصتها لفك الخناق المحكم على سفنها فى قناة السويس وخليج العقبة، وتدمير القوات المصرية فى سيناء والتى كانت تشكل تهديدًا صريحًا لها.

طبقًا لبروتوكول سيفرز وفى 29 أكتوبر 1956 هبطت قوات إسرائيلية فى عمق سيناء، واتجهت إلى القناة لإقناع العالم بأن قناة السويس مهددة، وفى 30 أكتوبر أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا إنذارًا يطالب بوقف القتال بين مصر وإسرائيل، ويطلب من الطرفين الانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس، وقبول احتلال مدن القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية بغرض حماية الملاحة فى القناة، وإلا تدخلت قواتهما لتنفيذ ذلك بالقوة. أعلنت مصر بدورها رفضها احتلال إقليم القناة، وفى اليوم التالى (31 أكتوبر) هاجمت الدولتان مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية. ونظرًا لتشتت القوات المصرية بين جبهة سيناء وجبهة القناة وحتى لا تقوم القوات المعتدية بحصارها وإبادتها، أصدر عبد الناصر أوامره بسحب القوات المصرية من سيناء إلى غرب القناة، وبدأ الغزو الأنجلو-فرنسى على مصر من بورسعيد التى ضربت بالطائرات والقوات البحرية تمهيدًا لعمليات الإنزال الجوى بالمظلات.

قاومت المقاومة الشعبية ببورسعيد الاحتلال بضراوة واستبسال حرك العالم ضد القوات المعتدية، وساندت الدول العربية مصر أمام العدوان وقامت بنسف أنابيب النفط فى سوريا، وفى 2 نوفمبر اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بوقف القتال، وفى 3 نوفمبر وجه الاتحاد السوفيتى إنذارًا إلى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وأعلن عن تصميمه على محو العدوان، كما استنكرت الولايات المتحدة العدوان على مصر، فأدى هذا الضغط الدولى إلى وقف التغلغل الإنجليزى الفرنسى، وقبول الدولتين وقف إطلاق النار ابتداءً من 7 نوفمبر تلاها دخول قوات طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة، وفى 19 ديسمبر أُنزل العلم البريطانى من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، تلا ذلك انسحاب القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد فى 22 ديسمبر، وفى 23 ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، وهو التاريخ الذى اتخذته محافظة بورسعيد عيدًا قوميًا لها أطلق عليه «عيد النصر». وفى 16 مارس 1957 أتمت القوات الإسرائيلية انسحابها من سيناء.

وهكذا  نجحت الدبلوماسية المصرية فى تحقيق ضغطٍ دولى على الدول المعتدية. واجبارها على وقف القتال والانسحاب.

وعدم تمكن القوات الأنجلو-فرنسية من استكمال خطتها أو تحقيق أهدافها.

وفشلها فى إسقاط النظام المصرى بقيادة عبد الناصر، أو الوصول إلى الإسماعيلية، أو التحكم فى قناة السويس.

وأفول نجم بريطانيا وفرنسا كقوى استعمارية بالمنطقة، واستقالة رئيس الوزراء البريطانى أنتونى إيدن.

ويرى المؤرخون أن تلك الحرب مثلت «نهاية وضع بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العظمى فى العالم».

وشجعت قيام حركات المقاومة والتحرر من الاستعمار على مستوى العالم، وتعد ايضا هذه الحرب واحدة من أهم الأحداث العالمية التى أسهمت فى تحديد مستقبل التوازن الدولى بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت حاسمة فى أفول نجم القوى الاستعمارية التقليدية، وتألق نجوم جديدة على الساحة الدولية. 

وستظل مصر أم الدنيا مقبره للغزاه ابد الدهر

وتحيا مصر