الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لماذا

لماذا

أصبحنا بكل هذه القسوة، ولماذا أصبحنا بكل هذا السواد والقدرة على التشفى والمعايرة للآخر بسلبياته وقصوره وكأننا كاملون غير منقوصين، لماذا ننتظر موت الآخر كى نشمت فى موته ونعايره بما فيه وبما ليس فيه!



ما الذى جرى لوادينا الطيب ومتى دخلته هذه الصفات الذميمة، ولماذا تقبلناها وتفاعلنا معها وأصبحت جزءًا من ثقافتنا وتراثنا نورثه لأبنائنا وأحفادنا؟

لقد أصبحنا نفتش فى ضمائر الآخرين نعرى بعضنا البعض ونقزم مبدعينا ونرقى فى الآخرين حتى استصغرنا من كانوا يروننا قدوة، لماذا سيطرت على أفرادنا وكبارنا وصغارنا الفردية والأنانية بمبدأ أنا ومن بعدى الطوفان مع العلم بأن الحياة أقصر مما نعتقد والموت أسرع من طرفة عين والعمر قصير والصراع محتدم وعنيف على لا شىء فكل إلى زوال وكل إلى حفر ضيقة مهما اتسعت أملاكنا!

الشماتة وذكر عيوب الآخر بعد موته أو مرضه صفات من صفات العرب فى الجاهلية ونحن شعب متحضر منذ فجر التاريخ كان الجميع ينتظر خطواتنا حتى يسيروا على خطانا ولكننا أصبحنا ننتظر ماذا يفعل الآخر حتى نقلده حتى فى التعليق على مباريات كرة القدم أصبحنا نستخدم مفردات الآخر رغم أننا أول من ابتدع هذه الميزة!

لماذا نرجع للخلف بصفاتنا ويتقدم الآخرون من حولنا؟ ولماذا كل هذه القسوة بيننا ولماذا كل هذه الشدة ولماذا لم نعد مبتكرين ودائمًا مقلدين!

 الإبداع كان من أهم صفاتنا فى كل شىء وأصبح الآن التقليد المقرون بالأنانية والنرجسية من أسوأ صفاتنا حتى تراجعنا كثيرًا فى كل مجالات ما يسمى بالقوى الناعمة بعد أن سحب الجميع من حولنا البساط وانطلقوا يقللون من إنجازاتنا حتى على مستوى كرة القدم التى كنا أسيادًا فيها وتراجعنا كثيرًا بفضل الأنانية والنرجسية التى تحكم سلوكياتنا!

أخطر ما أصاب مجتمعنا الذى انفتح على الآخر أنه نقل منه صفاته السيئة وترك ميزاته وأخطرها الـ«الرغى والجدال» فيما لا يفيد!

لقد  تخصصنا مؤخرًا  فى الاعتداء على تاريخ رموزنا السابقين والحاليين حتى فقدنا هيبتنا أمام الآخرين وفتحنا حقيبة أسرارنا للجميع، العدو قبل الصديق، وتدريجيًا يتضاءل الوعى الجمعى ونعود إلى فكر ما قبل عصر المماليك حيث القبلية والعصبية والتشبث بالرأى سواء أكان خطأ أم صوابًا!!

الوفيات التى حدثت مع الأيام الأولى من العام بقدر ما كشفت عما فى الصدور فإنها تحتاج منا إلى وقفة نعيد فيها ترتيب أفكارنا ومنهجنا فى الحياة حتى لا نصل إلى أسوأ مما وصلنا إليه.