الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المدينة المنورة قبلة القلوب

المدينة المنورة قبلة القلوب

الذكريات الطيبة دائمًا تظل محفورة فى القلب، ومع قدوم شهر رجب من كل عام تحن القلوب وتشتاق إلى البقاع المباركة فى المدينة المنورة.. تحضرنى الذكريات عندما جاءت الفرصة منذ ثلاث سنوات لكى نلتقى بالحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم.



فى تلك الرحلة الإيمانية إلى أطهر بقاع الأرض المدينة المنورة أول عاصمة فى تاريخ الإسلام، وثانى أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة المكرمة، وهى إحدى الوجهات الرئيسية لملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم.. هواء المدينة وعطر المدينة ونسمات المدينة كفيلة بأن تشعرك بالجنة حتى أهل المدينة طباعهم مختلفة عن سكان مكة المكرمة نفسها، وتتمركز المدينة حول المسجد النبوى، الذى شيده الرسول الكريم بنفسه، ودفن فيه. المدينة المنورة عاش فيها النبى وأسس فيها أول دولة فى الإسلام بعد هجرته من مكة المكرمة سنة 622 ميلادية. 

كانت رحلتى ميسرة بداية من نزولى فى المطار وحتى الوصول إلى أحد الفنادق القريبة من المسجد الحرام بالقرب من مسجد بلال - رضى الله عنه - وأول ما وقعت عليه عينى كان تمر المدينة وعجوتها الشهيرة وأصنافًا عديدة من الخضراوات والفاكهة وجذبتنى تلك الفاكهة حلوة المذاق وهى «السدر أو النبق» أحلى من العسل وأطيب من التفاح يُشعرك وأنت تتذوقه بطعم ورائحة فواكه الجنة.. الساعات والأيام التى تجلس فيها بالمدينة المنورة تمر بسرعة البرق وقد انتبهت لذلك.

أسرعت فى الاغتسال والتطيب وارتديت جلبابى ممسكًا بسبحتى يحملنى الشوق إلى الروضة الشريفة والجلوس مع الحبيب المصطفى وصحابته الكرام وعند سور المسجد خلعت نعلى.. أسير على الرخام الأسود الحار لا أشعر بقدمى رغم ارتفاع درجة الحرارة فى هذا اليوم.. تعجب صديقى ورفيقى فى الرحلة وأشفق على من حرارة الأرض ولكن نفسى حدثتنى بأن هذه الأرض مشى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعل قدمى تطأ موضع قدم رسول الله.

المشتاقون بصدق فى هذه اللحظات تصدر منهم تصرفات غريبة بعض الشىء.. فالبكاء مباح دون أن تشعر والضحك والفرح والسرور يسكن جميع جسدك خاصة عند دخولك الروضة الشريفة وكأن رسول الله حاضر بروحه وجسده الطاهر الشريف. 

فى مسجد الرسول الكريم ذى المآذن العشر، والذى يتسع لمليون زائر ومفتوح ليلًا ونهارًا وتحت القبة الخضراء التى كانت أول بقعة فى شبه الجزيرة العربية تضاء بالأضواء الكهربائية فى سنة 1909 م.. الدقائق التى تقضيها فى الروضة الشريفة كفيلة بأن تغسل كل الأحزان والهموم.. شعور لا يوصف ولا يستطيع أحد أن يوصفه بكلمات موجزة فى مقال واحد.

كل المسلمين فى العالم تتجه قلوبهم إلى المدينة المنورة رغم أن قبلتنا مكة المكرمة فى كل صلاة ولكن قبلة القلوب هى المدينة عليها وعلى ساكنها الصلاة والسلام. 

بعد الصلاة فى الروضة ذهبت إلى البقيع.. هنا يرقد عشرة آلاف وزيادة من الصحابة - رضى الله عنهم - جميعًا سيدنا عثمان ذو النورين وآل البيت وأمهات المؤمنين زوجات النبى ودفنت فى البقيع السيدة فاطمة الزهراء وابن النبى وعمه العباس وعمته صفية وشيخ الأزهر الأسبق الدكتور محمد سيد طنطاوى - رحمة الله عليه - وقد وردت أحاديث كثيرة فى فضل من يُدفن فى هذا المكان ويُقال: إن أهل البقيع هم أول من يُحشر من مقابر الأرض بعد النبى - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه سيدنا أبى بكر وعمر ويُبعث من أهل البقيع سبعون ألفًا وجوههم كالقمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.

اللهم أكرم كل مشتاق وأكرمنا بالزيارة عن قريب.

تحيا مصر