الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإسراء والمعراج بالروح والجسد

الإسراء والمعراج بالروح والجسد

سَرَيْتَ مِنْ حَرَمٍ لَيْلًا إلى حَرَمٍ



              كَمَا سَرَى الْبَدْرُ فِى دَاجٍ مِنَ الظُّلمِ

وَبِتَّ تَرْقى إلى أنْ نِلْتَ مَنزِلَةً 

               من قَابِ قَوْسَيْنِ لَمْ تُدْرَكْ وَلمْ تُرَم

وقَدَّمَتْكَ جَميع الأنْبَياءِ بِهَا

                  وَالرُّسل تَقدِيمِ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَمِ

حَتَّى إذَا لَمْ تَدَعْ شَأوًا لِمُسْتَبِقٍ

                        مِنَ الدُّنُوّ ولا مَرْقَى لِمُسْتَنِمِ

خَفَضْتَ كلَّ مَقامٍ بالإضافة إذْ 

                    نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ الْعَلم

كَيْما تَفُوزَ بِوَصْلٍ أيِّ مُسْتَتِرِ 

                          عَنِ العُيُونِ وسِرٍّ أيِّ مُكْتَتَمِ

فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غَيْرَ مُشْتَرِكٍ

                     وجُزْتَ كلَّ مَقَامٍ غَيْرَ مُزْدحم

وجَلَّ مِقْدَارُ مَا ولّيتَ مِنْ رُتَبِ

                      وعَزَّ إدْرَاكُ ما أوليتَ مِنْ نِعَمِ

بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسْلامِ إنَّ لَنا

                     مِنَ العِنايَةِ رُكْنًا غَيْرَ مُنْهَدِمِ

لما دعا اللهُ داعينا لطاعته 

                     بأكرم الرسل كنّا أكرم الأممِ

مولاى صل وسلم دائما أبدًا

                    على حبيبك خير الخلق كلهم

يظل الإسراء والَمعراج معجزة خالدة إلى أن تقوم الساعة وما أسعد المؤمنين والمؤمنات فى مشارق الأرض ومغاربها عندما تأتى هذه المناسبة الطيبة فى الأزمان السابقة فتهرع القلوب إلى بيت المقدس المبارك ويتذكرُ الجميع تلك الرحلة الربانية التى جاءت تسرية للنبى - صلى الله عليه وسلم - بعد أن فقد أعز وأقرب الناس إلى قلبه زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها وعمه وسنده أبى طالب وقد شعر النبىُ فى هذا العام بأن الدنيا قد اشتدت عليه بعد فقد الأحبة وأحاطهُ الكرب من كل مكانٍ.. بعد كل هذه المعاناة، وبعد كل هذا الكرب يأتى الفرج ،وتأتى المنحة بعد المحنة ويرسلُ الله إلى حبيبه المصطفى الأمين جبريل فى الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب  منتصف فترة الرسالة الإسلامية  بين السنة الحادية عشرة إلى السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية الشريفة ليحمل النبى الكريم  على البراق  ليلًا من مكة إلى بيت المقدس فى فلسطين، ثم عُرج به إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى وبعدها يعود المصطفى إلى مكة فى رحلة العودة وقد توقف له الزمان والمكان بقدرة الله عزوجل الذى خلق الأرض والسماوات العلا. 

وإن كان البعض الآن  يحاول التشكيك فى هذه الرحلة المباركة فلا عجب فقد شكك صناديد قريش فى رحلة الإسراء والمعراج منذ أكثر من ١٤00 عامًا من الزمان. 

يُقول اللهُ عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم «سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». 

الإسراءُ والمعراجُ كانتا بالروح والجسد وقدرة الله لا انتهاء لها منذ بداية الخليقة إلى قيام الساعة ولا يستطيعُ أحد أن يعرف حدود قوة الله وإرادته وإن كان أحد من البشر يستطيع الرد على بعض الأجوبة البسيطة فيقول لنا: أين تسكُن روحهُ فى جسده؟. 

استمعت إلى وجهة نظر أحد الباحثين وهو يُفسر بعض النظريات العلمية عن رحلة الإسراء والمعراج وقد بدأ بقوله تعالى «سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِى الْآَفَاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقّ».. يقول :إن الله سبحانه على كل شىء قدير إذًا لماذا تمت عملية المعراج من فوق القدس ولم تتم من مكة مباشرة؛ موضحًا  أن هناك أبوابًا إلى السماء من فوق القدس ،ولم تكن تلك الأبواب موجودة فى سماء مكة، وأشار إلى أن هناك سورة تسمى سورة الإسراء؛ فالإسراء كما هو معلوم هى الحركة الأفقية، والمعراج هى الحركة العمودية، وأن الله سبحانه وتعالى رفع اثنين من أنبيائه من القدس وهما سيدنا عيسى وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام ،وحتى أثناء عودة سيدنا محمد من رحلة المعراج  كانت أيضًا إلى القدس، ولم تكن إلى مكة المكرمة وهذا لكونه بشرًا «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» 

وقد ثبت علميًا أن السماء عبارة عن أبوابٍ ،ولايُمكن العروج إلا من هذه الأبواب التى أذن الله سبحانه للعروج من خلالها، وقد صعد النبىُ فى رحلته إلى السماوات السبع من أحد أبواب السماء المفتوحة فوق بيت المقدس. 

صعد النبىُ إلى السماء فى رحلة أقل ما يقال عنها إنها معجزة ربانية بكل المقاييس، فقابل فى السماء الأولى «آدم»- عليه السلام- أبا البشر، وفى السماء الثانية «يحيى وعيسى» - عليهما السلام- وفى السماء الثالثة «يوسف» – عليه السلام- وفى السماء الرابعة «إدريس» – عليه السلام- وفى السماء الخامسة «هارون» – عليه السلام- وفى السماء السادسة «موسى» – عليه السلام- وفى السماء السابعة «إبراهيم» أبا الأنبياء- عليه السلام  بعدها  ارتقى فوق السماوات العلا لمناجاة ربه، فى إشارة إلى رفعة ومنزلة رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم-  وهذه مكانة لم يبلغها نبى ولا رسول ولا ملك من الملائكة، وفى هذا اللقاء فُرضت الصلوات الخمس وأراهُ الله من آياته الكبرى، فرأى الجنة، وما أعده الله للمتقين، ورأى النار وما أعدهُ الله  من العذاب للكافرين. 

الإسراء والمعراج  قضية اختلف فيها العلماء على مر العصور، إلا أن الثابت والصحيح لهذه الرحلة المباركة أنها بالروح والجسد معًا، والدليل قوله تعالى  فى كتابه العزيز: «سبحان الذى أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله...»، حيث أكدوا أن لفظ «بعبده» يعنى الروح والجسد معًا، وأن هذا ليس بغريب على قدرة الله تعالى الذى خلق الكون بقدرته وسيّره بعظمته. 

هذه المُناسبة  فرصة عظيمة؛ لكى نتقرب من الله ونتذكر قدرته وعظمته فى هذا الكون بعيدًاعن كل هذه المهاترات التى لا فائدة منها على الإطلاق..  تحيا مصر