الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
السويفت وأشياء أخرى

السويفت وأشياء أخرى

انتقلت وسائل الإعلام إلى الحديث عن الإجراءات التى تقوم دول حلف الناتو باتخاذها ضد روسيا بعد قيامها بغزو أوكرانيا نهاية الشهر الماضى والتى شملت تنديد الدول والمنظمات وتعليق عضوية روسيا فى عدد كبير منها وهى أمور سياسية معروفة ومتوقعة دائما وهى غير دائمة أيضا.



أحد تلك العقوبات والخاص بإيقاف شبكة سويفت SWIFT  الخاصة بتحويل الأموال بين الحسابات البنكية المختلفة عن عدد كبير من البنوك الروسية ربما يبدو أمرا مؤثرا على الاقتصاد الروسى بدرجة كبيرة والحقيقة أن تحويل الأموال ليس إلا عنصرا واحدا ضمن باقى العناصر الاقتصادية المؤثرة على القرار السياسى والعسكرى ولكن لا يمكن أخذ الأمور من خلال منظور واحد فالمصالح متشابكة بقدر كبير فعلى سبيل المثال نجد أن حوالى ٤٠٪ من إمدادات الغاز إلى أوروبا تأتى من روسيا وعليه فإن عدم قدرة روسيا على الحصول على مستحقاتها المالية يسمح لها بإيقاف ضخ هذا الغاز طبقا لبنود التعاقد وإن حدث هذا فإن أوروبا ستكون فى مأزق كبير لما لهذا الفعل من تأثير على حياة مواطنيها وكذا أيضا قدرة المصانع على الإنتاج.

ماسبق هو مجرد مثال بسيط لتشابك المصالح بين الدول وهى التى لا تقتصر فقط على المصالح المباشرة السابق الإشارة إليها بل تتخطاها الى مصالح دول أخرى مرتبطة بما تنتجه دول الاتحاد الأوروبى لتسيير أعمالها.

ليس هذا فحسب بل إن الأمر يشمل أيضا العديد من السلع الأخرى التى تقوم روسيا بتصديرها الى دول الاتحاد الأوروبى والتى تقدر بمليارات الدولارات سنوية مقارنة بحجم التبادل التجارى بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والذى لايزال رقما هزيلا.

وعليه فإن التهديد بقطع شبكة السويفت ربما يكون مجرد ورقة ضغط لايمكن تنفيذها على الأقل بشكل كلى وهو ما لا يتم ذكره والإشارة إليه فى الإعلام بالشكل المناسب وهو أمر مشابه لمحدودية الأخبار التى تتحدث عن الهجمات السيبرانية ضد البنوك و مؤسسات المال الأمريكية بالرغم من إنفاقها بمليارات الدولارات سنويا من أجل تقوية أنظمة الدفاع ضد تلك الهجمات وضمان استمرارية الخدمة بالشكل اللائق.

وفى كل الأحوال لا أعتقد أن قرار روسيا بالحرب على أوكرانيا لم يضع فى الاعتبار كل ردود الفعل الغربية وهى أمور تختلف كثيرا وربما فى تقديرى فإن الحرب فى حد ذاتها ليست بأهمية تأثيرها على اقتصاد دول المواجهة وباقى دول العالم أيضا مثلما كانت الحروب فى السابق ولا يكون التهديد بالتصعيد النووى بنفس أهمية وقوة قرار الرئيس الأمريكى هارى ترومان بالقاء القنبلة النووية على مدينتى هيروشيما وناجازاكى باليابان بنهاية الحرب العالمية الثانية وهو القرار والفعل الذى فسره الخبراء بأنه لم يكن موجها ضد اليابان بقدر ما كان موجها لإرباك الاتحاد السوفيتى وإظهار قوة الولايات المتحدة الأمريكية وتأكيد قوتها أمام ستالين وهو الذى كان من تبعاته أيضا أن تراجعت المملكة المتحدة عن الوجود كشريك ثالث حيث تركت الساحة للقطبين الكبيرين لتبدأ مرحلة الحرب الباردة بينهما والتى استمرت نحو نصف قرن آخر.